عنوان الفتوى : هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم علّق يد السارق بعد قطعها في عنقه ؟
ما صحة هذا الحديث ؟ " ﺃﺗﻲ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺴﺎﺭﻕ ؛ فقطعت يده ، ﺛﻢ ﺃﻣﺮ ﺑﻬﺎ ، فعلقت في عنقه " .
الحمد لله
هذا الحديث رواه أحمد (23946) ، وأبو داود (4411) ، والترمذي (1447) ، والنسائي
(4982) ، وابن ماجة (2587) ، كلهم : من طريق عُمَر بْن عَلِيٍّ المقدمي ،
حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
مُحَيْرِيزٍ، قَالَ : " سَأَلْنَا فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ ، عَنْ تَعْلِيقِ
الْيَدِ فِي الْعُنُقِ لِلسَّارِقِ ، أَمِنَ السُّنَّةِ هُوَ؟ قَالَ : ( أُتِيَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَارِقٍ ، فَقُطِعَتْ يَدُهُ،
ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ ) .
وهذا إسناد ضعيف ، مكحول الشامي مدلس ؛ كما في الميزان (4/ 177) .
والحجاج ، هو ابن أرطاة ، القاضي الكوفي ، مدلس أيضا ، مشهور بالتدليس ، وصفه بذلك
ابن المبارك ، وابن معين ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، ومحمد بن نصر والساجي ، والبزار
، وإسماعيل القاضي ، وابن عدي ، وغيرهم ، وربما دلس عن متروكين كأمثال محمد بن عبيد
الله العرزمي ، والمثنى بن الصباح .
راجع : "التهذيب" (2/196-198) .
وقال النسائي عقب روايته لهذا الحديث : " الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ ضَعِيفٌ ،
وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ " .
وكذلك ضعفه الألباني في "الإرواء" (8/85) .
فالحديث ضعيف .
لكن ثبت هذا من فعل علي رضي الله عنه ؛ فروى ابن أبي شيبة (5/ 561) بسند صحيح عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ : " أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ، ثُمَّ عَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ " .
فذهب طائفة من أهل العلم إلى
استحباب تعليق يد السارق المقطوعة في عنقه ؛ ردعا لأمثاله ، وقيد بعضهم ذلك بما إذا
رأى الإمام المصلحة فيه .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/ 339-340) :
" وَيُسَنُّ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - تَعْلِيقُ الْيَدِ
الْمَقْطُوعَةِ فِي عُنُقِ السَّارِقِ ، رَدْعًا لِلنَّاسِ ، اسْتِنَادًا إِلَى مَا
رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَارِقٍ
فَقُطِعَتْ يَدُهُ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ ، وَقَدْ حَدَّدَ
الشَّافِعِيَّةُ مُدَّةَ التَّعْلِيقِ بِسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَمَّا الْحَنَابِلَةُ
فَلَمْ يُحَدِّدُوا مُدَّةَ التَّعْلِيقِ .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْيَدِ لاَ يُسَنُّ ، بَل يُتْرَكُ
الأْمْرُ لِلإمَامِ ، إِنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً فَعَلَهُ ، وَإِلاَّ فَلاَ ،
وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَالِكِيَّةُ شَيْئًا عَنْ تَعْلِيقِ الْيَدِ " انتهى .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |