عنوان الفتوى : هل القرين يمكن أن يطلع قرينه على الغيب
هل الإنسان إذا أصيب بمس أوعين أوحسد أو وخوف شديد يعالج نهائيا؟ وهل القرين يكون سببا في أن يرى الغيب سواء كان خيرا أو شرا ـ يعني يسترق له ـ أم هو من الله؟ وإذا مل الإنسان من رؤية الغيب المكشوف له عنه بأشكاله، فهل له من نصيحة؟ وبماذا يمسى؟ أريد توضيحا ميسرا ومفهوما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكن قد يوقع القرين الجني في قلوب بعض الناس شيئا من الأخبار التي يأخذها بواسطة بعض الشياطين، يقول الإمام السدي: للإنسان شيطان وللجن شيطان فيلقى شيطان الإنس شيطان الجن فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. اهـ.
وبعض الناس قد يطلعهم الله عز وجل على شيء من الغيب عن طريق الإلهام والتحديث، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدَّثون وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب. متفق عليه.
وربما أطلق العلماء على هذا النوع من العلم بالمغيبات الكشف، واطلاع الإنسان على هذا الغيب والكشف له لا يدل على رفعة شأن صاحبه، فإن الصالحين قد يمنحهم الله كرامات، ولكن مدار الأمر على الاستقامة والاتباع، فننصح بالاجتهاد في الطاعات وشغل الطاقات وتوظيف الأوقات في تعلم العلم النافع ومجاهدة النفس في العمل به والدعوة إليه وعدم الاهتمام بشأن هذه الكشوفات، فالتوفيق للطاعة هو أعظم كرامة يحصل عليها العبد، بل إن ذلك كان الكرامة المميزة للصحابة فلم تكن كرامتهم البارزة تحصيل الكرامات الخارقة ولا الاطلاع على المغيبات، كما قال البدوي في نظم الأنساب:
وصحب المصطفي لا يتشوفون للكرامة بل قصدهم لنيل الاستقامة.
وقل من بالكشف منهم اشتهر
وقال القرطبي: قال علماؤنا رحمهم الله: ومن أظهر الله على يديه ممن ليس بنبي كرامات، وخوارق للعادات فليس ذلك دالاً على ولايته، خلافاً لبعض الصوفية والرافضة. اهـ.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية في شأن أحد هؤلاء: وكان كثير من العوام وغيرهم يعتقدون صلاحه وولايته، وذلك لأنهم لا يعلمون شرائط الولاية ولا الصلاح، ولا يعلمون أن الكشوف قد تصدر من البر والفاجر، والمؤمن والكافر، كالرهبان وغيرهم وكالدجال وابن صياد وغيرهم، فإن الجن تسترق السمع وتلقيه على أذن الإنسي، ولا سيما من يكون مجنونا أو غير نقي الثياب من النجاسة، فلا بد من اختبار صاحب الحال بالكتاب والسنة، فمن وافق حاله كتاب الله وسنة رسوله فهو رجل صالح سواء كاشف أو لم يكاشف، ومن لم يوافق فليس برجل صالح سواء كاشف أم لا، قال الشافعي: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة. اهـ.
والله أعلم.