عنوان الفتوى : الأصل جواز إزالة الشعر غير المرغوب فيه
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أرجو إخوتي في الله أن لا تنزعجوا من إلحاحي، وأعتذر لكم أشد الاعتذار إذا قمت بالدخول بنوع من الجدال والنقاش معكم في هذا الأمر، فربما هذا مما لا ترضونه، ولكن اعذروني لأني غير هادئ، فأنا كثير البحث في هذا الأمر, ولدي اضطراب, وأرجو أن لا تتأخروا في ردكم, وأنا أعلم مدى كمِّ الأسئلة التي تأتي إليكم، فكان الله في عونكم، فأنتم من الجهات الحبيبة إلى قلوب المسلمين، فيعلم الله أنني أثق فيكم، وصدري ينشرح إليكم وعند ما يصعب علي أمر أتوجه إليكم. في الفتوى رقم: (2386184) شرحت لكم سؤالي بالتفصيل وبالتدقيق، وكانت الإجابة غير واضحة، ثم إنكم لم تقولوا لي ما رأيكم بالعلماء الذين ذكرتهم، قد قلتم لي: فالذي نفتي به أنه يجوز إزالة هذه الشعور لأنها مسكوت عنها، ثم قلتم لي: الأولى عندنا والأحوط ترك هذا الشعر لمن لا يتأذى به، فأصبحت في حيرة؟؟؟ والذي أعرفه أن الضيق النفسي من شيء يعتبر أذى، وبالأخص إذا أباح فعل هذا الشيء الذي أتأذى منه كثير من العلماء، ثم استدللتم بعد ذلك بفتوى للشيخ ابن عثيمين - عليه رحمة الله- ولم تتطرقوا حتى للتفاصيل الدقيقة التي نشرتها لكم في الفتوى حتى تريحوا بالي, غير أن هناك فتوى لكم برقم: (36708) أن إزالة الشعر هو خلاف ما أفتى به الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله- . وبناءً على ما سبق: أولا: لقد وصلت مؤخراً إلى فتوى للشيخ ابن عثيمين – عليه رحمة الله - وعنوان الفتوى: (هل قص الأظافر، وحلق الشعر ينقض الوضوء؟)- تاريخ نشر الفتوى في الموقع الإسلامي: 23 ذو القعدة 1427 (14/12/2006)- وهو من المواقع الإسلامية التي أحسبها على خير، وأثق فيها كما أحسب موقعكم هذا على خير، وتستطيعون البحث في محرك البحث بهذا العنوان، وكانت الإجابة باختصار وبالنص كما أفتى الشيخ - عليه رحمة الله - الإجابة: أخذ الإنسان من شعره، أو ظفره، أو جلده لا ينقض الوضوء، وبهذا المناسبة أحب أن أبين أن الشعور ينقسم أخذها إلى أقسام: ثم بعد ذكر الشيخ القسم الأول, والقسم الثاني.... القسم الثالث: الشعور التي سكت عنها الشارع، كالرأس، والساق، والذراع، وبقية شعور الجسم. فيما سكت عنه الشارع، فقد قال بعض العلماء: إنه منهي عن أخذه تغييرا لخلق الله من أوامر الشيطان، لقوله تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}، وقال بعض العلماء: إن أخذه مباح؛ لأنه مسكوت عنه، لأن الشرع أمر، ونهى، وسكت. علم أن هذا ليس مما أمر به ولا مما نهى عنه؛ لأنه لو كان منهيا عنه لنهى عنه، ولو كان مأمورا به لأمر به. وهذا الأقرب من حيث الاستدلال: أن إزالة الشعور غير التي نهى عنها جائزة. ثم تطرق بعد ذلك إلى الحديث عن الأظافر، وهناك فتوى في حق المرأة للشيخ قال فيها: إن الشعر لا يزال من بدن المرأة إلا إذا كان كثيراً بحيث يشوه الخلقة، فلها أن تخففه ولا حرج عليها في ذلك. وفي فتوى أخرى قال: أما شعر الساقين والفخذين فهذا لا يزال، لكن لو كان الشعر كثيرا في المرأة بحيث يكون ساقها كساق الرجل فلا بأس أن تزيله. فالذي يبدو لي -والله أعلم- أن الشيخ لا يوجد له رأي محدد أو صريح في هذا الأمر، وأريد أن أقول فإذا كان من رأي الشيخ أنه ربما تكون إزالة الشعر من تغيير خلق الله في الرجل فهو يعتبر من تغيير خلق الله في المرأه أيضا كما أفتى، وأنتم تعلمون أن أكثر النساء تقريبا يزلن شعر جسمهن، وأنتم أيضا من أفتيتم بذلك في حقها وفي حق الرجل أيضا في فتاوى لكم على الموقع. ثانياً: هناك من هم من العلماء في علم الشيخ أو أعلم منه أمثال الشيخ ابن باز - عليه رحمة الله – وهناك علماء آخرون قد أفتوا مثل ابن جبرين - عليه رحمة الله - والشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - وجمع من العلماء، مع العلم أنني على يقين فيما أنشره لكم، فهؤلاء العلماء بالفعل أفتوا بحلق هذا الشعر. فما رأيكم أنني أقوم بالأخذ بفتواهم من باب ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) بدون أن أفكر كثيرا في الأمر؟ وأن هناك جمعا من أهل العلم أجمعوا على إزالته، فأنتم تعلمون أن حق إزالة الشعر مباح عند المالكية وقيل سنة، وأنا حتى أقوم بتخفيفه في كل أنحاء جسمي، وأجعله شعرا خفيفا، فأنا لا أزيله كما أفتوا بل ما أزيله هو شعر الكتف وربما بعض الشعيرات المتفرقة في ظهري، وأنتم تعلمون أن من العلماء من قال إذا تساوى علم العلماء نأخذ بالأيسر وهذا الرأي اختاره الشيخ ابن عثيمين – عليه رحمة الله - ومنهم من قال يأخذ بأي رأي شاء - والمالكية هي خير قرون من جاءت، وقد أباحوا إزالة الشعر – رحمهم الله وغفر لهم – وأرجو أن أوضح شيئا أنني لا آخذ بالرخص، غير أن الأمر لا يوجد به رخص، فهناك جمع من العلماء أجمع على إزالة شعر الجسد، وأن هذا الأمر بالفعل يزعجني. ثالثاً: قد قرأت مؤخراً على موقع : http://www.saaid.net فهو عبارة عن بحث لأحد الإخوة زاده وزادكم الله علماً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لدينا في أمر هذا الشعر إلا ما بينا لك في جواب سؤالك السابق، ونكرره هنا: هذا الشعر مما سكت عنه الشارع ، فلم ينطق فيه بإباحة ولا تحريم، فإزالته وتخفيفه بالحلق أو غيره تبقى على أصل الإباحة؛ لعدم وجود الدليل الصارف، فليس على من أزاله إثم.
أما ما ذكرناه من أن الأولى في هذا الشعر تركه لمن لا يتأذى به، فلا تعارض بينه وبين جواز الأخذ؛ لأن الجواز شامل لكل ما أذن الشارع فيه، فالمكروه وخلاف الأولى كلاهما من حيز الجائزات.
وبناء على هذا؛ فليس فيما أفتيناك به ما يقتضي الحيرة ولا الشك، فأخذ هذا الشعر - فيما نفتي به - على أصل الإباحة لا يلحق الإثم ولا الحرج من فعله، ولكن من تركه احتياطا كان أبعد عن الريبه، وقد قال أبو الدرداء: تمامُ التقوى أنْ يتقي الله العبدُ، حتّى يتقيَه مِنْ مثقال ذرَّة، وحتّى يتركَ بعضَ ما يرى أنَّه حلال، خشيةَ أنْ يكون حراماً، حجاباً بينه وبينَ الحرام.
والله أعلم.