عنوان الفتوى : طلقها زوجها ثم علمت بأنه راجعها ثم طلقة مرة أخرى فهل تستأنف العدة أم تبني على ما مضى ؟
أنا مطلقه طلقة واحدة من خمس شهور ، واكتشفت قبل أسبوع فقط أن زوجي رجعني على ذمته ، علما أنه رجعني ، بس أنا ما رجعت له أبدا ، وكنت جالسة عند أهلي ، ولا يوجد حمل ، وخلصت 3 حيضات ، ولم أرجع له بعدها ، والحين زوجي طلقني طلاقا نهائيا ، وأرسل ورقتي ، وتزوج بأخرى . سؤالي : هل لي عدة غير عدتي الأولى أم لا ؟
الحمد لله
أولاً :
إذا طلق الرجل زوجته دون الثلاث ، فله أن يراجعها في زمن العدة ، ولو بغير علمها ،
فإن خرجت من العدة لم تصح رجعتها ، إلا بعقد جديد مستوف للشروط .
فإذا كان زوجك قد راجعك في زمن العدة ، وأخبرك هو بذلك ، أو شهد به الشهود : فإن
الرجعة صحيحة ؛ لقوله تعالى : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ
ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي
أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ
وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ
دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228.
وقوله: ( وَبُعُولَتُهُنَّ
أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ ) أي في العدة ، وفيه دليل على أن الزوج له حق
الإرجاع ، ويجب أن يكون مراده الإصلاح ، لا إرجاع الزوجة للإضرار بها.
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (75027).
فإن عاد وطلقك طلقة أخرى ، بعد ما ردك إليه : لزمك أن تعتدي من جديد بثلاث حيض ، حتى ولو لم يحصل بينكما جماع ، أو لم ترجعي إلى بيته أصلا ، والرجعة التي حصلت منه بعد الطلقة الأولى : تلغي ما مر عليك من العدة قبلها .
قال الشيخ مصطفى الرحيباني
الحنبلي ، رحمه الله ، في بيان أحكام من طلقت طلقة رجعية :
" (وَإِنْ رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا) قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ
(اسْتَأْنَفَتْ) عِدَّةً لِلطَّلَاقِ الثَّانِي ، لِأَنَّ الرَّجْعَةَ أَزَالَتْ
شَعَثَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَأَعَادَتْ الْمَرْأَةَ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي
كَانَتْ فِيهِ " انتهى من "مطالب أولي النهى" (5/578) . وينظر : "المغني" لابن
قدامة (7/409) ، تكملة " المجموع "(18/195) .
وأما كون السائلة قد تيقنت براءة رحمهما من الحمل ، فهذا وحده لا يكفي لخروجها من العدة ؛ لأن الحكمة من عدة الطلاق غير مقصورة ببراءة الرحم ، بل هناك حكم أخرى .
سئل علماء "اللجنة الدائمة"
(20/415):
ما حكم البنت التي أعطاها أبوها لرجل وهي لا تحبه ، وذهب بها عند الرجل ، فقامت
عنده ثلاث سنوات ، ولكنها لم ترض للرجل في الجماع ، وأخيرا رضي الرجل عنها وتركها
وطلقها، هل عليها عدة طلاق ؟
فأجابوا: " إذا كان الواقع كما ذكر ، من الطلاق بعد أن دخل بها : فعليها عدة الطلاق
" انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه
الله : رجل تغيب عن زوجته في السفر لمدة عشرين سنة ، وبعد هذه المدة أرسل لها
طلاقها بالخلع ، طلاقاً صحيحاً ، وتريد هذه المرأة أن تتزوج فهل عليها عدة ، حيث إن
زوجها سافر عنها من مدة عشرين سنة ، ولم يباشرها ؟ وهل العدة لاستبراء الرحم أم
لغير ذلك ؟
فأجاب: " إذا كان الواقع كما ذكرتم : فلا ريب أن عليها العدة ؛ لأن العدة لا تكون
إلا بعد الطلاق ، ولو طالت غيبة الزوج عن المطلقة ؛ لقول الله سبحانه : (
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ).
أما الحكمة في ذلك ، فقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب " إعلام الموقعين
" بحثاً نفيساً في هذا الموضوع ، كما ذكر أن الحكمة لا تختص بقصد براءة الرحم ، بل
هناك حِكَمٌ أخرى ؛ ولهذا وجبت العدة على المتوفى عنها زوجها ، وإن لم يدخل بها ،
وإن كانت صغيرة ليست ممن يُظن بها الحمل ، وهكذا الآيسة ؛ وبذلك يُعلم أن لله
سبحانه حِكماً في العِدد سوى براءة الرحم.."انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز"
(22/174).
والحاصل : أنه يجب عليك الآن
: أن تعتدي ثلاث حيضات ، من حين طلقك زوجك الطلقة الثانية ، فإذا انقضت ، فأنت أملك
بنفسك .
والله أعلم .