عنوان الفتوى : لم تعتد للوفاة ظناً منها أن العدة إنما تجب على المدخول بها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لي صديقة توفي زوجها ، وقد كتبا عقد الزواج ، دون أن يدخل بها ، فلم تجلس للعدة بحكم كونها كانت تحسب أنه لا عدة عليها لعدم الدخول ، والآن بعد شهرين علمت أنه تجب عليها العدة ، فما الذي عليها بخصوص ما سبق ؟ هل عليها كفارة أم تكمل الأشهر الباقية فقط ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
أولاً :
هناك فرق بين عدة الوفاة وعدة الطلاق ، فعدة الوفاة لا يشترط فيها الدخول ، فكل من مات عنها زوجها ، ولو قبل الدخول ، فإنه تلزمها العدة ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) البقرة/234 .
وروى الترمذي (1145) عن ابن مسعود رضي الله عنه : " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا لا وَكْسَ وَلا شَطَطَ ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ ، فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ رضي الله عنه فَقَالَ : قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ ، امْرَأَةٍ مِنَّا ، مِثْلَ الَّذِي قَضَيْتَ ، فَفَرِحَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ " . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي " .

وأما عدة الطلاق ، فهي لازمة للمدخول بها ، وأما غير المدخول بها ، فلا تلزمها العدة ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ) الأحزاب/49 .
قال أبو بكر ابن العربي رحمه الله : " هذه الآية نص في أنه لا عدة على مطلقة قبل الدخول ، وهو إجماع الأمة ؛ لهذه الآية ، وإذا دخل بها فعليها العدة إجماعاً " انتهى من " أحكام القرآن " (6/377) – ترقيم الشاملة - .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (120018) .


ثانيا :
إذا تركت المرأة العدة على زوجها جهلاً ، فلا شيء عليها إذا كان زمن العدة قد انقضى ، أما لو بقي من زمن العدة شيء ، فإنها تعتد ذلك الباقي من العدة .

فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : امرأة لم تحد بعد وفاة زوجها ؛ لجهلها بذلك ، فما الحكم؟
فأجاب : " ليس عليها شيء ما دامت تركت الإحداد جهلا منها ؛ لقول الله تبارك وتعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) ، وقوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) ، فقال الله تعالى قد فعلت .
يا فضيلة الشيخ : وإذا علمت يا شيخ ما الحكم الآن ؟
فأجاب رحمه الله تعالى : إذا علمت بعد انقضاء العدة فليس عليها شيء ، وإن علمت في أثنائها تكمل " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " .

فعلى هذا ، ليس على تلك المرأة شيء فيما سبق ؛ لجهلها ، لكن ما بقي من زمن العدة ، وهما شهران وعشرة أيام ، يلزمها أن تعتدها .

والله أعلم .