عنوان الفتوى : معنى أن توحيد الألوهية توحيد عملي
نسمع دائما العلماء يقولون: إن العقيدة أمور علمية فقط؛ ولكن إذا تكلموا عن توحيد الألوهية يقولون إنه التوحيد العملي. فكيف نفهم ذلك التناقض؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شاع عند علماء الإسلام قديما وحديثا استعمال كلمة عقيدة واعتقاد في المسائل العلمية التي صح بها الخبر عن الله ورسوله، والتي يجب أن ينعقد عليها قلب المسلم، وعلى المسائل العملية التي تترتب عليها، فاعتقاد الإنسان لربوبية الله تعالى وأسمائه وصفاته يستلزم الألوهية له، وأن يوحد العبد ربه ويعبده ولا يعبد غيره، ولذا قسموا التوحيد إلى: توحيد المعرفة والإثبات، وتوحيد الإرادة والطلب. والأول يتطلب المعرفة والاعتقاد والإيمان الجازم بما ثبت عن الله؛ وأما الثاني فهو يتطلب عملا وهو الاستسلام لله والخضوع وعبادته.
قال الشيخ سفر الحوالي في شرح الطحاوية: ومعرفة الله -سبحانه وتعالى- إثبات ما أثبته لنفسه تعالى أو أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم مما يتعلق بمعرفته، ولا يستلزم منا -عملا- إلا الإيمان به والإقرار به، وإن كان له أثره على جوارحنا وعلى أعمالنا. وتوحيد الألوهية: هي أوامره علينا، فيأمرنا الله عز وجل أن نصلي له وحده، وأن نذبح له وحده، وأن ننذر له وحده، وكذلك الخوف والرجاء والمحبة وبقية أنواع العبادة، هذا جانب توحيد الألوهية.
وأما توحيد المعرفة والإثبات، أو توحيد الأسماء والصفات، فإنما يستلزم أو يتطلب منا أن نعرفه، ونؤمن به، ونستيقن، ولا يشترط أن يترتب عليه في ذاته أمر لنا إلا الاعتقاد، فلم يكلفنا نحن بعمل، لكن كلفنا أن نعتقد أن لله -سبحانه وتعالى- يدين وأن له عينين، وأنه ينزل في الثلث الأخير من كل ليلة، فنؤمن ونعتقد بها، ونؤجر على الإيمان بها واعتقادها.
أما توحيد الألوهية الذي هو توحيد الإرادة والطلب فإنه أعمال؛ ولذلك قلنا التوحيد العملي وذاك التوحيد الاعتقادي، فهذا إيضاح لسبب هذه القسمة. اهـ.
والله أعلم.