عنوان الفتوى : حفظ الله لعبده المؤمن.. رؤية شرعية
أنا أدعو بالأذكار ولله الحمد وأعلم أنها تحفظني، لكن لا أعلم بعض الأذكار ولا أشعر أنها حفظتني، فأنا دوما أستودع على سبيل المثال زوجي لكني أجده ينظر إلى تلك ويغازل تلك مع أنني أستودع عقله وقلبه وهو رجل ذو دين وخلق، وأيضا في أذكاري أقول دعاء الهم والحزن: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال ـ لكن يصيبني هم وحزن وأمثلة كثيرة، لا أعلم، لا أريد أن أتسخط ولكن وقعت في هذه الحيرة، أنا أدعو الله موقنة بالإجابة والحفظ.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا استودع شيئا حفظه. رواه ابن حبان والبيهقي، وصححه الألباني.
فالله تعالى هو الذي لا تضيع ودائعه، كما قال أبو هريرة: ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني.
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ودع رجلا قال له أيضا: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
والله عز وجل أيضا لا يخلف الميعاد، وقد وعد سبحانه أن يجيب من دعاه، ولكن صور الإجابة متعددة، كما أنه لا بد من انتفاء موانع الإجابة كالاستعجال واستيلاء الغفلة واللهو على القلب والجوارح، والدعاء على سبيل التجربة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 111052.
فإن كان هناك مانع من موانع الإجابة فيكون تخلفها بسبب العبد نفسه، وكذلك الذكر قد يتخلف أثره من جراء العبد نفسه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 122630.
ثم إن أثر الذكر والدعاء يتفاوت من شخص لآخر بحسب اليقين والاستقامة وحكمة الابتلاء، وقد سبق لنا بيان مدى أثر الذكر على حفظ الذاكر من المكروه، في الفتوى رقم: 130963.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: متى كان العبد مشتغلا بطاعة الله، فإن الله يحفظه في تلك الحال، وفي مسند الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كانت امرأة في بيت، فخرجت في سرية من المسلمين وتركت ثنتي عشرة عنزة وصيصيتها ـ وهي الصنارة التي يغزل بها وينسج ـ كانت تنسج بها، قال: ففقدت عنزا لها وصيصيتها، فقالت: يا رب إنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه، وإني قد فقدت عنزا من غنمي وصيصيتي، وإني أنشدك عنزي وصيصيتي، قال: وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شدة مناشدتها ربها تبارك وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأصبحت عنزها ومثلها، وصيصيتها ومثلها ... وفي الجملة فإن الله عز وجل يحفظ على المؤمن الحافظ لحدود دينه، ويحول بينه وبين ما يفسد عليه دينه بأنواع من الحفظ وقد لا يشعر العبد ببعضها، وقد يكون كارها له، كما قال في حق يوسف عليه السلام: كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين {يوسف: 24}. اهـ.
والله أعلم.