عنوان الفتوى : ضابط المجاهرة بالمعصية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما هو ضابط المجاهرين بالمعاصي بارك الله فيكم بمعنى هل المدخن مجاهر؟ وهل الذي يسمع الأغاني مجاهر؟ وهل الذي ينام عن الصلاة المكتوبة وبخاصة الفجر مجاهر؟ وهل الذي يكذب مجاهر؟ وهل الذي لا يصلي مع الجماعة مجاهر؟ وهل الذي يؤخر الصلاة عن وقتها مجاهر؟ وهل الذي يخلف الموعد مجاهر؟، هل... وهل.. وهل يعد كل من سبق مجاهرا بالمعاصي إذا صرح بفعله بين الناس ولم يبال؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا كذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه.

والمجاهرة ضد الإسرار، فمن عمل المعصية مستعلنا بها غير مستح من فعلها فلا ريب في كونه من المجاهرين، ومن المجاهرة الصنف الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن يبيت يستره ربه فيصبح يحدث بالمعصية كاشفا ستر الله عنه.

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: إلا المجاهرين: والمجاهرون هم الذين يجاهرون بمعصية الله عز وجل، وهم ينقسمون إلى قسمين: الأول: أن يعمل المعصية وهو مجاهر بها، فيعملها أمام الناس، وهم ينظرون إليه، هذا لا شك أنه ليس بعافية، لأنه جر على نفسه الويل، وجره على غيره أيضا، أما جره على نفسه: فلأنه ظلم نفسه حيث عصى الله ورسوله، وكل إنسان يعصي الله ورسوله، فإنه ظالم لنفسه، قال الله تعالى: وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ { البقرة: 57} وأما جره على غيره: فلأن الناس إذا رأوه قد عمل المعصية، هانت في نفوسهم، وفعلوا مثله، وصار ـ والعياذ بالله ـ من الأئمة الذين يدعون إلى النار، كما قال الله تعالى عن آل فرعون: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ {القصص: 41} وقال النبي عليه الصلاة والسلام: من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ـ فهذا نوع من المجاهرة، ولم يذكره النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه واضح، لكنه ذكر أمراً آخر قد يخفى على بعض الناس فقال: ومن المجاهرة أن يعمل الإنسان العمل السيئ في الليل فيستره الله عليه، وكذلك في بيته فيستره الله عليه ولا يُطلع عليه أحداً، ولو تاب فيما بينه وبين ربه؛ لكان خيراً له، ولكنه إذا قام في الصباح واختلط بالناس قال: عملت البارحة كذا، وعملت كذا، وعملت كذا. انتهى.

فإذا تبين لك معنى المجاهرة فاعلم أن كل من أعلن بالمعصية وأظهرها في الناس فهو مجاهر، لكن ما ذكرته في سؤالك ليس على درجة واحدة، فمما ذكرته أمور مختلف فيها، فمن فعلها يعتقد جوازها لم يكن آثما، ومنها صغائر ومنها كبائر فليست المجاهرة بهذا كالمجاهرة بذاك، فليس ترك الجماعة كترك الصلاة وإخراجها عن وقتها وعلى ذلك فقس، ومن المعاصي المذكورة ما لا تتصور المجاهرة فيه إلا بالمعنى الثاني فليتنبه.

والله أعلم.