عنوان الفتوى : نبذة مختصرة عن تاريخ دخول الإسلام بلاد الهند .
أريد أن أعرف ، من خلال المصادر والكتب والمراجع ، تأريخ الإسلام في الهند ، كيف ، ومتى دخل إليها ؟ لقد جمعت بعض الأحاديث بهذا دخول الإسلام الهند ، ولكني في الحقيقة لا أعرف صحة بعض هذه الأحاديث ، فعلى سبيل المثال : ورد في بعض كتب الحديث كما في مستدرك الحاكم ، من رواية أبي سعيد الخدري : " أن ملك الهند أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية ، عبارة عن مخلل فيه شيء من الزنجبيل ، فوزّعه النبي صلى الله عليه وسلم على من حوله من الصحابة ، وقال أبو سعيد : وحصلت على شيء منه فأكلته " . "مستدرك " للحاكم ، ( كتاب الأطعمة، المجلد الرابع، صفحة 150) . فما صحة هذا الحديث؟
الحمد لله
أولا :
أما عن تاريخ دخول الإسلام بلاد الهند : فقد دخل الإسلام الهند عن طريق الفتوحات
الإسلامية والحملات الجهادية التي قادها قادة المسلمين لفتح البلاد ونشر دين الله
بين العباد .
وكان الإسلام يدخل وينتشر في بلاد الكفر عادة عن طريق أحد أمرين هامين : عن طريق
الجهاد ، فيتعرف أهل تلك البلاد على سماحة الإسلام وسماحة أهله وكمال شرائعه ، وعن
طريق تجار المسلمين الذين كانوا ينشرون الإسلام في تلك البلاد ويتخلقون بخلق
الإسلام ، مما أثر في أهلها ، فيدخلون في دين الله أفواجا .
ففي سنة أربع وأربعين من الهجرة غزا المهلب بن أبي صفرة أرض الهند ، وسار إلى
قندابيل ، وكسر العدو وسلم وغنم ، كما في " تاريخ الإسلام" ، للحافظ الذهبي (4 /12)
.
وكان هذا أول غزو المسلمين لبلاد الهند ، وبه تعرّف أهل تلك البلاد على الإسلام
وشرائعه ، فدخل منهم من دخل فيه .
وفي سنة ثمان وأربعين من
الهجرة كتب معاوية رضي الله عنه إلى زياد بن عبيد : انظر رجلا يصلح لثغر الهند ،
فوجه زياد إليه سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي ، وكان أحد الشجعان المشهورين ، فقام
بغزو الهند " . انظر "تاريخ الإسلام" (4 /18) .
قال الذهبي :
" استعمله زياد بن عبيد على غزو الهند " .
"تاريخ الإسلام" (6 /74) .
وفي سنة ثلاث وتسعين افتتح
محمد بن القاسم - وهو ابن عم الحجاج بن يوسف - مدينة الدبيل وغيرها من بلاد الهند ،
وكان قد ولاه الحجاج غزو الهند وعمره سبع عشرة سنة ، فسار في الجيوش فلقوا الملك
داهر - وهو ملك الهند - في جمع عظيم ومعه سبع وعشرون فيلا منتخبة ، فاقتتلوا فهزمهم
الله وهرب الملك داهر ، فلما كان الليل أقبل الملك ومعه خلق كثير جدا فاقتتلوا
قتالا شديدا فقتل الملك داهر وغالب من معه ، وتبع المسلمون من انهزم من الهنود
فقتلوهم .
ثم سار محمد بن القاسم فافتتح مدينة الكبرج وبرها ورجع بغنائم كثيرة وأموال لا تحصى
كثرة ، من الجواهر والذهب وغير ذلك .
"البداية والنهاية" (9 /104) .
وفي سنة خمس وتسعين افتتح
محمد بن القاسم مدينة المولينا – ويقال : الملتان - من بلاد الهند، وأخذ منها
أموالا جزيلة .
"البداية والنهاية" (9 /136) .
وفي سنة ستين ومائة جهّز
الخليفة المهدي العباسي عبد الملك بن شهاب المسمعي لغزو بلاد الهند ، فدخل مدينة
باربد من الهند في جحفل كبير فحاصروها ونصبوا عليها المجانيق ، ورموها بالنفط
فأحرقوا منها طائفة ، وهلك بشر كثير من أهلها، وفتحوها عنوة وأرادوا الانصراف فلم
يمكنهم ذلك لاعتلاء البحر ، فأقاموا هنالك فأصابهم داء في أفواههم ، فمات منهم ألف
نفس ، فلما أمكنهم المسير ركبوا في البحر فهاجت عليهم ريح فغرق طائفة أيضا ، ووصل
بقيتهم إلى البصرة ومعهم سبي كثير، فيهم بنت ملكهم .
"تاريخ الإسلام" (9 /371) ، "البداية والنهاية" (10/140) .
وفي سنة ثنتين وتسعين
وثلثمائة في محرمها غزا السلطان الملك يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين
التركي بلاد الهند فقصده ملكها جيبال في جيش عظيم فاقتتلوا قتالا شديدا ، ففتح الله
على المسلمين ، وانهزمت الهنود ، وأسر ملكهم جيبال ، وأخذوا من عنقه قلادة قيمتها
ثمانون ألف دينار، وغنم المسلمون منهم أموالا عظيمة ، وفتحوا بلادا كثيرة ، ثم إن
محمودا سلطان المسلمين أطلق ملك الهند احتقارا له واستهانة به ، ليراه أهل مملكته
والناس في المذلة فحين وصل جيبال إلى بلاده ألقى نفسه في النار التي يعبدونها من
دون الله فاحترق ، لعنه الله .
"البداية والنهاية" (11 /379)
وكان السلطان محمود بن
سبكتكين قد فرض على نفسه كل سنة غزو الهند ، فافتتح بلادا شاسعة ، وكسر الصنم
سومنات ، الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحيي ويميت ويحجونه ، ويقربون له النفائس ،
بحيث إن الوقوف عليه بلغت عشرة آلاف قرية ، وامتلأت خزائنه من صنوف الأموال ، وفي
خدمته من البراهمة ألفا نفس ، ومائة جوقة مغاني رجال ونساء ، فكان بين بلاد الإسلام
وبين قلعة هذا الصنم مفازة نحو شهر، فسار السلطان في ثلاثين ألفا، فيسر الله فتح
القلعة في ثلاثة أيام ، واستولى محمود على أموال لا تحصى ، وقيل: كان حجرا شديد
الصلابة طوله خمسة أذرع ، منزل منه في الأساس نحو ذراعين، فأحرقه السلطان، وأخذ منه
قطعة بناها في عتبة باب جامع غزنة .
"سير أعلام النبلاء" (17 /485) .
وانظر جواب السؤال رقم (148529)
.
ثانيا :
هذا الحديث المشار إليه في السؤال رواه الحاكم في "مستدركه" (7190) . وقد سبق
الكلام عليه مفصلاً في جواب السؤال رقم (186168)
.
والله أعلم .