عنوان الفتوى : حكم تناول أشياء مما هو متعارف بين الأصدقاء بدون إذنهم
أود أن أسأل عن حكم استخدام وسائل وأدوات الغير دون إذن منهم، فمثلا في الدراسة أدوات الزملاء كالمسطرة والأقلام، أو مثلا هاتف أخي أو حذائه... وإن كان غير جائز، فما كفارة ذلك؟ حيث أظن أنني كنت أستعمل أقلام زملائي دون إذن، لأننا اعتدنا على ذلك والبعض إن طلبت منهم الإذن يستغربون من طلبي، لأنه شيء بسيط للغاية كالمسطرة والأقلام؟ فهل الأقلام التي كتبت بها دون إذن أعتبر قد سرقت حبرها في هذه الحالة؟ وهل يجب استحلال أصحابها؟ وبخصوص الهواتف التي استعملتها دون إذن فهل يجب استحلال أصحابها لأنني استهلكت من شحنها؟ وهل يجب أن أتذكر كل أصحاب الأشياء التي أتلفتها أو ألحقت بها ضررا صغيرا دون علمهم منذ أن كنت صغيرا ذلك لأني أشك كثيرا أني أتلفت أشياء خصوصا في طفولتي وقد يدخل في هذا أفراد عائلتي؟ فكيف أستحلهم؟ وهل أطلب منهم مسامحتي؟ وهل يجوز أن أترك استحلال أصحاب المظالم إلى ما بعد مدة معينة وذلك لانشغالي الكبير بشهادة البكالوريا وأن تذكرهم واستحلالهم سينقص من وقتي؟ وجزاكم الله أفضل الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت في سؤالك أن أخذك لتلك الأشياء مما هو معتاد بينك وبين أصحابك يعني أنه مأذون فيه عرفا، ولذا يستغرب أحدهم عند استئذانك منه، والظاهر من السؤال أنك مصاب بالوسوسة في هذا الأمر فنحذرك من الاسترسال معها، وبناء عليه فلا حرج عليك في الأشياء مما علمت أن نفس صاحبه طيبة لك به، وخاصة الأمور البسيطة التي ليس لها بال كاستعمال القلم والمسطرة والهاتف ونحوه، قال تعالى: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ {النور:61}.
وذكر القرطبي ما معناه أن هذه الآية محكمة في أصح قولي أهل العلم، وأن للرجل أن يأكل من مال قريبه أو وكيله أو صديقه ما يعلم أن نفسه طيبة له به، وأما ما أخذه المرء دون إذن أصحابه مما لا تطيب نفوسهم به فهو ضامن له حتى يرده إليهم، وعليه المبادرة إلى ذلك بحسب استطاعته، وإن جهلهم أو لم يستطع الوصول إليهم فيتصدق به عنهم.
والله أعلم.