عنوان الفتوى : هل من توبة لمن علق تميمة
فضيلة الشيخ: لقد علقت تميمة مع العلم أنها حرام، لكن دون العلم بأنها شرك فوجدت صدفة وأنا أتحرّى حدود الحرام في ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلق تميمة فقد أشرك ـ وحينها حرقت تلك التميمة وعدت إلى ربي تائبا راجيا مغفرته، فهل لي من توبة والله يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ {النساء: 48ـ 116}؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فكان من الواجب عليك ـ إذ علمت حرمة التميمة ـ أن لا تعلقها ولو لم تكن شركا، فيكفي أن تعليقها عصيان لله جلت قدرته، وهو المنعم عليك بكل ما أنت فيه، وتعليق التميمة قد يكون شركا أكبر، وقد يكون أصغر بحسب ما يقوم بقلب صاحبها، وعلى أية حال، فكل من تاب إلى الله تعالى من ذنب عمله ولو كان شركا أكبر مخرجا من الملة، فإن الله تعالى يتوب عليه، كما قال تعالى: قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.
وهذه الآية الكريمة نزلت في أناس مشركين تابوا كما في صحيح البخاري من حديث ابن عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ـ وَنَزَلَتْ: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. اهــ.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: وهذا عام في جميع الذنوب، من كفر وشرك، وشك ونفاق، وقتل وفسق، وغير ذلك: كل من تاب من أي ذلك تاب الله عليه. اهــ.
وأما قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ـ فهذا في حق من مات على الشرك من غير توبة، وأما من تاب من الشرك فإن الله يغفر له كما قال تعالى: قُل لِلَّذِينَ كفروا إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ {الأنفال: 38}.
وبما أنك تبت إلى الله تعالى من تعليق التميمة فنرجو من الله تعالى أن يقبل توبتك.
والله أعلم.