عنوان الفتوى : ما يعفى عنه من النجاسات ومالا يعفى عنه

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

مذهب الحنفية يقول إنه في النجاسات يعفى عن أن يكون ثلث الملابس بول عادي(أو نسبة ما غير متأكد) وأريد تبني هذه الفتوى بالأمور التالية: 1-على عضوي الذكري سوف أغسل بقليل من الماء رأسه قبل الوضوء -مثلا وأتوضأ وما ينزل بعد ذلك من نقطة أو نقطتي بول فهو مسامح به حتى لو كنت على وضوء. 2- الماء الذي يصيبني من أرضية الحمام طاهر ولو كنت على وضوء وأصابني منه فوضوئي سليم. 3-إن أصابني منه نقط يسيرة(3 أو 4 نقط) من داخل الحمام الإفرنجي أو من البول فهو عادي. 4-عندما أستيقظ من النوم أرى على الملبس الداخلي نقطة أو نقطتين من مني سوف أحكه بيدي وأخفيه ولا يوجب شيئا آخر. 5- عند الوصول للشهوة أحيانا ينزل نقطة أو نقطتين دون الشعور بهما أحيانا وهذه لا توجب شيئا حتى إن جاءت على الملبس الداخلي. فهل يجوز ما قلته؟ نرجو التفصيل وشكرا لكم على جهودكم الطيبة.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء إن ما نسبته إلى مذهب الحنفية يحتاج إلى شيء من الإيضاح والتصحيح، ثم بعد الإيضاح والتصحيح نعلق على النقاط الثلاث التي ذكرتها فنقول:
أولا : ما ذكرته من أن مذهب الحنفية العفو عن البول إذا أصاب ثلث الملابس. إن كنت تعني بول الآدمي فهذا غير صحيح, والعفو عن مقدار الربع – لا الثلث - يقول به الحنفية في النجاسة المخففة لا الغليظة إذ إنهم يقسمون النجاسة إلى قسمين, مخففة وغليظة , ويختلف مقدار المعفو عنه باختلافهما.

جاء في الموسوعة الفقهية: فذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الْمُخَفَّفَةِ وَالنَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَقَالُوا : إِنَّهُ يُعْفَى عَنِ الْمُغَلَّظَةِ إِذَا أَصَابَتِ الثَّوْبَ أَوِ الْبَدَنَ بِشَرْطِ أَنْ لاَ تَزِيدَ عَنِ الدِّرْهَمِ ، قَال الْمَرْغِينَانِيُّ : وَقَدْرُ الدِّرْهَمِ وَمَا دُونَهُ مِنَ النَّجَسِ الْمُغَلَّظِ كَالدَّمِ وَالْبَوْل وَالْخَمْرِ وَخُرْءِ الدَّجَاجِ وَبَوْل الْحِمَارِ ، جَازَتِ الصَّلاَةُ مَعَهُ. أَمَّا النَّجَاسَةُ الْمُخَفَّفَةُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْقَدْرِ الَّذِي يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا عَلَى رِوَايَاتٍ : قَال الْمَرْغِينَانِيُّ : إِنْ كَانَتْ كَبَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ جَازَتِ الصَّلاَةُ مَعَهَا حَتَّى يَبْلُغَ رُبُعَ الثَّوْبِ وَقَال الْكَاسَانِيُّ : حَدُّ الْكَثِيرِ الَّذِي لاَ يُعْفَى عَنْهُ مِنَ النَّجَاسَةِ الْخَفِيفَةِ هُوَ : الْكَثِيرُ الْفَاحِشُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ .اهــ .

ثانيا : بول الآدمي عندهم من النجاسة المغلظة لا الخفيفة فلا يعفى عما زاد عن قدر الدرهم منه.

قال في فتح القدير: وَبَوْلُ الْآدَمِيِّ وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إلَّا الْفَرَسَ وَالْقَيْءُ : غَلِيظٌ اتِّفَاقًا. اهـ 

ثالثا : مقدار الدرهم عندهم يساوي عرض الكف إن كانت النجاسة مائعة، ويساوي وزن الدرهم إن كانت مجسمة غليظة.

جاء في تبيين الحقائق: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ في الدِّرْهَمِ فَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِالْوَزْنِ وهو أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ الْمِثْقَالِ وَقِيلَ بِالْمِسَاحَةِ وهو قَدْرُ عَرْضِ الْكَفِّ، وَوَفَّقَ أبو جَعْفَرٍ بين الرِّوَايَتَيْنِ فقال أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِذِكْرِ الْعَرْضِ تَقْدِيرَ النَّجَاسَةِ الْمَائِعَةِ وَبِذِكْرِ الْوَزْنِ تَقْدِيرَ النَّجَاسَةِ الْمُسْتَجْسَدَةِ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ .اهــ
وأما ما ذكرته في المسألة الأولى من أنك تصلي ولو نزل منك شيء من البول فهذا غير صحيح على مذهبهم؛ لأنهم وإن قالوا بالعفو عن اليسير من البول إلا أن خروج البول ناقض للوضوء فلا يصح أن تصلي بوضوء انتقض بخروج قطرات من البول .
وما ذكرته في الثانية من أن ما يصيبك من أرضية الحمام يحكم عليه بالطهارة هو صحيح إلا إذا تيقنت من أنه ماء نجس, والقول بهذا ليس خاصا بالحنفية. وانظر الفتوى رقم 132515.
وأما الماء المتناثر من المرحاض أو البول وهو ما ذكرته في المسألة الثالثة فهو عند الحنفية على ما ذكرناه من العفو عما لا يزيد على قدر الدرهم من النجاسة المغلظة , وكذا ما جاء في الرابعة عن المني فإن المني نجس عند الحنفية ونجاسته مغلظة كما جاء في البحر الرائق:  ثُمَّ نَجَاسَةُ الْمَنِيِّ عِنْدَنَا مُغَلَّظَةٌ. وهو لا يطهر عندهم إذا كان رطبا إلا بالغسل وإذا كان جافا يطهر بالفرك والحت. جاء في فتح القدير: وَالْمَنِيُّ نَجِسٌ يَجِبُ غَسْلُهُ إنْ كَانَ رَطْبًا فَإِذَا جَفَّ عَلَى الثَّوْبِ أَجْزَأَ فِيهِ الْفَرْكُ. اهـ. فإذا وجدت أثر مني جاف في ثيابك وفركته أجزأ .
وأما خروج نقطة أو نقطتين عند حصول الشهوة فإن كنت تعني به المني فإن خروجه موجب للغسل ولا علاقة له بالعفو عن يسير النجاسة.

والظاهر أن السائل قد فهم من قول الحنفية بالعفو عن يسير النجاسة أنه يعفى عنها من حيث عدم وجوب الغسل والوضوء، وإذا كان الحال كذلك فهذا فهم غير صحيح، فهم يتكلمون عنها من حيث صحة الصلاة عند وجودها، لا أنهم يقولون بعدم انتقاض الوضوء أو عدم إيجاب الغسل إذا حصل موجب

والله تعالى أعلم.