عنوان الفتوى : يسير الدم معفو عنه في الصلاة
أثناء الاستنجاء بالمنديل تنزل أحياناً نقطة دم وأظنها تخرج من مخرج الغائط، وهنا أستنجي بالماء وأتابع كالعادة دون أي تصرف آخر بخصوص ما خرج من دم، لكن مرة حصل هذا ثم بعد الصلاة وجدت نقطة دم على ثوبي، فبالنسبة لانتقاض الوضوء فلا ينتقض إلا إذا تأكدت أن ما خرج من الدم ـ على فرض أنه كان بالتأكيد من أحد السبيلين ـ كان قبل الوضوء وهذا غير محقق وبالتالي فالوضوء صحيح ـ إن شاء الله ـ لكن ماذا بالنسبة لحكم النجاسة؟ وهل يعفى عن الدم في هذه الحالة، علماً أنها نقطة صغيرة ليس إلا؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت نقطة الدم تخرج من مخرج الغائط حسب ظن السائلة، فإن ذلك يخرجها عن احتمال الحيض، واستنجاؤها بالماء بعدها كان صوابا، لأن من أهل العلم من يرى أنه يتعين الاستنجاء بالماء إن كان الخارج غير معتاد مثل الدم، ولا يجزئ بالحجر وما في حكمه كالمنديل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 107692.
ثم إن مجرد وجود نقطة من الدم على الثوب بعد الصلاة لا يؤثر على صحة الوضوء، ما لم يتم التأكد من أنها خارجة من أحد السبيلين، لأن الوضوء تم بيقين واليقين لا يزول بالشك، ففي الصحيحين: أنه شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
قال النووي ـ رحمه الله تعالى: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة، ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف. انتهى.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء: إذا توضأ الإنسان وشك في الحدث فالأصل أنه على الوضوء حتى يتيقن الحدث، فيبني على الأصل ولا يلتفت إلى الشك، وإذا كان على غير وضوء وشك في أنه توضأ، فالأصل عدم الوضوء حتى يتيقنه، فيبني على الأصل وهو عدم الوضوء، وقاعدة الشريعة في هذا: أن اليقين لا يزول بالشك، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يرفعه. انتهى.
هذا فيما يتعلق بتأثير وجود نقطة الدم على الوضوء، أما فيما يتعلق بالتلبس بها أثناء الصلاة فإن كونها صغيرة جدا يعني أنها يسيرة،ويسير الدم معفو عنه في الصلاة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 120351.
والله أعلم.