عنوان الفتوى : تربية أطفال المسلمين في الغرب على النفرة من الخنزير

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

في بلدي في الغرب ، تعد الخنازير جزءا كبيرا من الثقافة في المجتمع الغربي ، ليس فقط في الأكل ، ولكن أيضا في قصص الأطفال والكرتون والدمى ، فهل يعد استخدام أشكال الخنازير في ألعاب الأطفال حراما ، لكي لا نجعل الخنازير مألوفة لدى أطفالنا ؟ وهل أجنب أطفالي رؤية هذا الحيوان ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق


الحمد لله
لا شك أن المعاني والأشياء والمفردات التي تمر بالطفل في مراحل تربيته الأولى يمتد أثرها أطول بكثير مما يعتقده المربون للطفل أنفسهم ، ولا تزول بزوال تلك المرحلة ؛ بل تبقى مكونا هاما من مكونات وجدانه وعقله الباطن ، ويظهر أثرها الواضح في تشكيل هويته ، وانتمائه الثقافي .
وفي صحيح البخاري (6130) ومسلم (2440) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ؛ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي ) .

وقد أشار أهل العلم إلى أن الشرع إنما رخص في لعب الصغار بمثل تلك اللعب ، مع نهيه عن الصور ، وتحريمه للتصوير ؛ لأجل ما في لعبهم بذلك من مساهمة في الإعداد الوجداني لما يكونون عليه في مستقبل أيامهم .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ ، وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ وَنَقَلَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ ، وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْعَ اللَّعِبِ لِلْبَنَاتِ لِتَدْرِيبِهِنَّ مِنْ صِغَرِهِنَّ عَلَى أَمْرِ بُيُوتِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ ) انتهى من "فتح الباري" (10/527) .
ولا شك أن الخنزير ليس مجرد حيوان نجس ، أو محرم الأكل ، أو غير ذلك مما قد يقال فيه ، أو يتعلق به من الأحكام الشرعية ؛ وإنما هو مكون ثقافي للغرب النصراني ، وجزء من هوية هذه الأمة .
وفي صحيح البخاري (2222) ومسلم (155) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ) .
قال ابن بطال رحمه الله :
"وإنما قصد إلى كسر الصليب وقتل الخنزير : من أجل أنهما في دين النصارى المفترين المعتدين في شريعتهم إليه ، فأخبر النبي أن عيسى سيغير ما نسبوه إليه ، كما غيره محمد ، وأعلمهم أنهم على الباطل في ذلك ؛ فدل هذا أن عيسى يأتي بتصحيح شريعة محمد ، حاكمًا بالعدل بين أهلها" . انتهى من "شرح صحيح البخاري" ، لابن بطال (6/604) .
وقال النووي رحمه الله :
"وفيه دليل على تغيير المنكرات وآلات الباطل ، وقتلُ الخنزير من هذا القبيل . وفيه دليل للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور : أنا إذا وجدنا الخنزير في دار الكفر ، أو غيرها ، وتمكنا من قتله : قتلناه ، وإبطال لقول من شذ من أصحابنا وغيرهم فقال : يترك إذا لم يكن فيه ضراوة " انتهى من شرح مسلم (11/221) .

والحاصل : أن الخنزير حيوان غير محترم ، وشعار من شعارات الكفر والكذب على الله تعالى ؛ فلا يصح من المسلم أن يربي أولاده على إلفته ، أو الاهتمام به ، أو التعلق به ؛ سواء كان في صورة قصة ، أو لعبة ، أو تمثيلية ، أو غير ذلك ، بل المشروع تنبيهه إلى تعلقه بالدين الباطل ، وأنه من علاماته ، وأنه لا حرمة له في الشرع ، بحسب ما يناسب فهمه وعقله ؛ حتى إذا كبر ، تعلم ما يتعلق به من الأحكام الشرعية على وجهها .
وأما تجنيب أطفالك رؤيته : فهذا إن كان المراد به الرؤية العابرة ، أو رؤية صورته بصورة عارضة : فهو أمر يشق عمله ، كما لا نرى لزومه أيضا ؛ وإنما المراد ألا يكون مألوفا بالنسبة له ، ولا في محل العناية والاهتمام .
والله أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...