عنوان الفتوى : هل يجوز له الاقتراض بالربا للدراسة ليتمكن من الحصول على عمل مناسب بعد ذلك

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أنا رجل بلغت أكثر من أربعين سنة، حاصل على بكالوريوس في هندسة الحاسوب، وماجستير فيها أيضا، أعيش في أمريكا. كلما شغلت وظيفة، طردت منها بدون سبب يذكر - إلا أنهم يرفعون عقيرة بند من بنود عقود العمل وهي أنه يحق للموظف أو الشركة فسخ عقد العمل بدون إبداء أسباب ولا إعطاء مهلة. أخذت أقبل بالدنيء من الوظائف في تخصصي، وبراتب ضئيل نوعا ما... إلا أن النتيجة دائما واحدة: بعد شهرين أو ستة أشهر أو سبعة أشهر، يتم إنهاء عقدي - أو بمعنى آخر، يفصلونني من عملي. آخر مرة عملت في كبرى شركات السيارات، تم إيقافي عن العمل بدون سبب أيضا من أربع سنين. من يومها لم أجد عملا إلا في دولة خليجية، عملت فيها لستة أشهر ثم انتهى عقدي ولم يرغب المدير الغربي تجديد عقدي ولم يدافع عني أي من المسلمين من أهل تلك البلد. عدت لأمريكا لزوجتي وأولادي الأربعة لأقدم في أمريكا، ومنذ أكثر من سنة ونصف لم أجد عملا... قررت أن أتجه لدراسة تخصص آخر غير الحوسبة، ولكنني اصطدمت بواقع أن الدراسة مكلفة جدا، ويجب علي أن أقترض من الدولة وكذلك من البنوك قروضا بالربا - علما أنني تفاديت الربا طيلة الأعوام الماضية من حياتي لعلمي بحرمته. أما الحال الآن فإنني لم أجد أحدا من الميسورين يقبل أن يقرضني، كما إنني لم أجد عملا في تخصصي - نعم علما أنني بذلت كل ما ينبغي عمله وبذله من خطط للتقديم وغير ذلك، إلا أنني لم أفلح ولا أدري ما السبب إلا أنه ابتلاء. قاربت منتصف الأربعين من عمري وكبر أولادي الأربعة وأنا عاطل عن العمل.... يتوجب علي تغيير تخصصي لتخصص آخر علما أن زوجتي صابرة ولكنها لا تدري لماذا لم أجد عملا علما أنني ولله الحمد ملتزم بالحلال بعيد عن الحرام ، فقد نفذت المدخرات أو كادت... كما نفدت معونات الحكومة... ولم يعد يصلني إلا ما أشتري به طعاما فقط. أشعر أنني مضطر للقبول بقرض ربوي أدرس فيه لمدة أربع سنين ثم أرد القرض بالربا بعد ذلك... وقد بحثت عن أعمال أخرى ولم أجد. هل يمكن أن يكون أحدهم سحرني سحرا يمنعني بإذن الله من الرزق؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق


الحمد لله
أولا :
ليست قضية الرزق والمال متعلقة بالإيمان والكفر ، فإن هذا من عطاء الربوبية الشامل لعباد الله جميعا ، مؤمنهم وكافرهم . قال الله تعالى : ( كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ) الإسراء/20
وليست سعة الأرزاق للكفار ، وغير المسلمين ، دليلا على كرامتهم ومنزلتهم ، وليست قلة الرزق على المؤمن الموحد دليلا أيضا على إهانته وسقوط منزلته ، بل كل شيء عنده سبحانه بمقدار ، ودبره بعلمه وحكمته . قال تعالى : ( فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ) يعني : ليس الأمر كما تظنون، أو كما يظن هؤلاء .
ثانيا :
الذي نحذرك منه غاية التحذير أن تلجأ إلى ذلك القرض الربوي ، فالربا وإن كثَّر ، فإن عاقبته إلى قُل : يمحق الله الربا ؛ فحذار حذار من ذلك الباب يا عبد الله .
وينظر جواب السؤال رقم (9054)
ولا نرى أن ظروفك تحتمل المجازفة بدراسة جديدة في مثل هذه السن ، وقد تجد بها عملا ، وقد لا تجد .
وإنما حاول مرة أخرى، وثانية ، وثالثة ، واستعن بالله ولا تعجز ، والجأ إلى ربك في أوقات السحر ، وفي صلواتك : أن يفرج عنك كربك ، ويكشف همك وغمك، ويوسع عليك في رزقك .
ولا بأس أن تحاول العمل في مجال آخر ، حتى ولو لم يكن تخصصك ، حتى ولو كان عملا مؤقتا ، حتى لو فصلوك منه بعد ذلك ، فقد علمت وقتا تنتفع به ، ولا تيأس يا عبد الله ؛ إنه لا ييأس من رحمة ربه إلا الضالون .
ولا بأس أن تبحث عمن يرقيك من أهل السنة والدين والاستقامة ، وإن كنا نرى أن ما ذكرته من أمر السحر مستبعد .
يسر الله لك أمرك ، ووسع في رزقك ورزق أهلك .
والله أعلم .