عنوان الفتوى : المؤتمن غير ضامن ما لم يتعد أو يفرط
أرجو منكم أيها الإخوة أن تفهموني ما يلي: فيكون معنى الحديث :علي ضمان ما أخذت أو حفظ ما أخذت أوتأدية ما أخذت. وإذا قدرنا ضمان ما أخذت قيدنا ذلك بعدم وقوع التفريط عملا بالقاعدة التي اتفق عليها أكثر الفقهاء، وهى قولهم: المؤتمن ضامن ما لم يفرط . ما المراد بهذا التقدير ؟ وإذا بطلت هذه التقديرات الثلاثة علمنا أن الحديث يقيد بعمومه بقاء الشيء فى ذمة المؤتمن عليه حتى يؤديه إلى صاحبه. الثاني والثالث التقدير أن مفهوم ولكن لم أفهم التقدير الأول ! وأين البطلان؟ (موضعه فى القواعد الفقهية يبن الأصالة والتوجيه)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال هو أنك تشير إلى حديث : على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد. ويمكن تقدير ضمان ما أخذت, أو حفظ ما أخذت, أو تأدية ما أخذت. وإذا قدر الضمان فإنه لا يشمل اليد الأمينة ما لم تفرط في حفظ ما اؤتمنت عليه، إذ المقرر عند الفقهاء أن المؤتمن غير ضامن ما لم يتعد أو يفرط فيما اؤتمن عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البيهقي: لا ضمان على مؤتمن.
وجاء في الموسوعة الفقهية: الإهمال في الأمانات إذا أدى إلى هلاكها أو ضياعها يوجب الضمان سواء أكان أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة، أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور.. انتهى.
وجاء في الفروق للقرافي: أسباب الضمان ثلاثة فمتى وجد واحد منها وجب الضمان: أحدها: التفويت مباشرة. وثانيها: التسبب للإتلاف. وثالثها: وضع اليد غير المؤتمنة. اهـ. وأما اليد المؤتمنة فلا ضمان عليها ما لم تتعد أو تفرط.
وأما ذكرته في السؤال فلعل فيه سقطا وهو أن القاعدة (المؤتمن غير ضامن ما لم يفرط). والكلام الذي نقله السائل مذكور في كتاب"القواعد الأصولية بين الأصالة والتوجيه " وسياق الكلام يقتضي وجود سقط فيه حيث قال قبل نقل لفظ القاعدة: وإذا قدرنا ضمان ما أخذت قيدنا ذلك بعدم التفريط عملا بالقاعدة التي اتفق عليها أكثر الفقهاء (المؤتمن ضامن ما لم يفرط) وقال بعدها: (ويلحق المستعير بالمؤتمن فلا يضمن إن تلف المعار إليه في يده من غير تعد فيه ...إلخ
فألحق المستعير بالمؤتمن في عدم الضمان دون تعد، مما يدل على سقط في لفظ القاعدة وهو أنها هكذا (المؤتمن غير ضامن ما لم يفرط) وهو إنما جلب القاعدة للاستدلال على تقييد تضمين المؤتمن بوقوع التفريط منه للجمع بين الحديث والقاعدة .
والله أعلم.