عنوان الفتوى : رمت المصحف في حال غضبها من ابنتها لضعف حفظها وكثرة أخطائها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

زوجتي حريصة على القرآن ، أنا كذلك ولله الحمد ونتحرى السنة في حياتنا ذات يوم وزوجتي تحفظ ابنتي أكثرت ابنتي من الأخطاء فغضبت عليها جدا ، وقامت زوجتي برمي المصحف بجوارها على الكرسي وليس على الأرض ، وعندها ثار بيننا خلاف وقد أغلظت لها في القول وهجرتها إعظاما لكتاب الله ؛ فما الحكم وما ينبغي علي فعله ؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله.


لا شك أن رمي المصحف منكر عظيم ، وجرم خطير ولو كان الرمي على كرسي ونحوه ؛ لما في ذلك من الكره والضجر من كتاب الله تعالى ، أو الاستهانة والسخرية منه ، بحسب المقام والحال ، وكل ذلك كفر وردة - عياذا بالله - والإيمان في القلب يحجز صاحبه عن ذلك ، لكن إن كان الإنسان في حال من الغضب الشديد بحيث لا يدري ما يقول وما يفعل ، فهو معذور ؛ لأن تصرفه حصل عن غير قصد وإرادة .
وإن كان الغضب لم يبلغ منه هذا المبلغ ، فهو آثم إثما عظيما ، وعليه التوبة والاستغفار والندم على ما اقترف .
ومع أن قرينة الحال التي ذكرتها تدل على أن زوجتك لم تلق المصحف استخفافا بشأنه ، أو نفرة منه ، وإنما من أخطاء ابنتك ، إلا أن إلقاء المصحف بالطريقة المشار إليها هو منكر على كل حال ، فالمصحف حقه التكريم والإعظام ، بكل وجوه التكريم والإعظام .
لكن لعل الله أن يعفو عنها لأجل ما كانت فيه من الغضب .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في الكلام على تأثير الغضب الشديد على التصرفات : " واحتجوا على هذا بقصة موسى عليه الصلاة والسلام ، فإنه لما وجد قومه على عبادة العجل اشتد غضبه عليهم ، وجاء وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه من شدة الغضب ، فلم يؤاخذه الله لا بإلقاء الألواح ، ولا بجر أخيه هارون وهو نبي مثله ، ولو ألقاها تهاوناً بها وهو يعقل لكان هذا عظيماً ، ولو جر إنسانٌ النبيَّ بلحيته أو رأسه وآذاه لصار هذا كفراً .
لكن لما كان موسى في شدة الغضب العظيم لله عز وجل على ما جرى من قومه سامحه الله ، ولم يؤاخذه بإلقاء الألواح ولا بجر أخيه .
هذه من حجج الذين قالوا: إن طلاق هذا الذي اشتد به الغضب لا يقع، وهكذا سبّه لا تقع به ردّة، وهو قول قوي وظاهر، وله حجج أخرى كثيرة بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والعلامة ابن القيم، واختار هذا القول.
وهذا القول أرجح عندي وهو الذي أُفتي به ؛ لأن من اشتد غضبه ينغلق عليه قصده ، ويشبه المجنون بتصرفاته وكلامه القبيح، فهو أقرب إلى المجنون والمعتوه منه إلى العاقل السليم ، وهذا قول أظهر وأقوى " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (1/ 375) . وينظر تتمة كلامه في جواب السؤال رقم (149150)
والله أعلم .