عنوان الفتوى : زكاة المال المستثمر
كان معي مبلغ من المال أخرج زكاته كل رمضان، وضعت كل مالي منذ شهرين في الاستثمار العقاري، ولن أعلم مدى الربح أو الخسارة إلا بعد سنتين من الآن، فماذا أفعل في الزكاة المستحقة عليه حين يعود؟ وهل علي شيء في رمضان القادم والذي يليه والذي يليه؟ علما بأنه ليس معي مال للزكاة خلال هذه الفترة، وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزكاة واجبة في المال المتاجر به في أصله وربحه، كل سنة إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول، ولا يجوز تأخير إخراجها بعد وجوبها من غير عذر معتبر، جاء في قرارمجمع الفقة الإسلامي في دورته 16: تجب الزكاة في أرصدة الحسابات الاستثمارية وفي أرباحها على أصحاب هذه الحسابات إذا تحققت فيها شروط الزكاة، سواء كانت طويلة الأجل أم قصيرة الأجل ولو لم يقع السحب من أرصدتها بتقييد من جهة الاستثمار أو بتقييد من صاحب الحساب. انتهى.
وعليه، فيجب عليك زكاة هذا المال على رأس الحول إذا أمكن معرفة قدر المبلغ من أرباح أو خسارة بأي طريقة ممكنة، فإن لم يمكن الاطلاع على ذلك عند الحول فتجب الزكاة عند نهاية السنتين، جاء في الخرشي عند قول خليل: وصبر إن غاب ـ قال: يعني أن القراض إذا كان غائبا غيبة ينقطع خبره فيها من بقاء, أو تلف, أو ربح, أو خسر فإن ربه يصبر إلى أن يرجع إليه ماله, أو يعلم أمره فإن تلف فلا ضمان ولا يزكيه العامل لاحتمال دين ربه, أو موته إلا أن يأمره ربه بذلك. اهـ.
ولتجتهد ولتتحر ما يغلب على ظنك في تقدير المبلغ عند نهاية الحول الأول والحول الثاني فتخرج القدر الواجب عنهما وهو ربع العشر عن كل حول تم على النصاب، وبذلك تبرأ الذمة، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهذا هو الوسع، ففي فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة وأخرها بغير عذر مشروع أثم لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها، ومن وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. انتهى بتصرف يسير. وانظر الفتوى رقم: 5661.
إلا أنه يشترط لوجوب الزكاة في الأرباح أن تكون ناشئة عن معاملات شرعية بأن يكون مجال الاستثمار بعيدا عن الربا والحرام، فإن كان مصدرها حرامًا فلا تجب فيها الزكاة، ولا يجوز للمودع الانتفاع بها، وإنما يجب عليه إنفاقها في وجوه البر والخير، بنية التخلص من المال الحرام، وانظر الفتاوى المحال عليها في الفتوى رقم: 58493
مع التنبيه أنه لا يجوز للمسلم إيداع ماله لدى المصارف أو المؤسسات المالية التي تقوم على التعامل بالربا إلا في حالة الضرورة كخشية ضياعه مع عدم وجود بنك إسلامي يمكن الإيداع فيه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 40098.
والاستثمار ليس ضرورة تبيح إيداع المال في البنوك الربوية.
والله أعلم.