عنوان الفتوى : مشيئة العبد بعد مشيئة الله تعالى
هل معنى قوله تعالى: وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ـ أن مشيئة العبد بعد مشيئة الله؟ الرجاء الإجابة بنعم أو لا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مشيئة العبد بعد مشيئة الله فلا يفعل ولا يريد إلا ما شاء الله، قال الشيخ ابن عثيمين: إن للمكلف إرادة واختياراً وقدرة، وإن خالق هذه الإرادة والاختيار والقدرة هو الله عز وجل، فلا يكون للمخلوق إرادة إلا بمشيئة الله عز وجل، وقد قال الله تعالى مبيناً الجمع بين هذه النصوص: لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ـ ولكن متى يشاء الله تعالى أن يهدي الإنسان أو أن يضله؟ هذا هو ما جاء في قوله تعالى: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ـ واقرأ قوله تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ـ تجد أن سبب ضلال العبد من نفسه فهو السبب، والله تعالى يخلق عند ذلك فيه إرادة للسوء، لأنه هو يريد السوء، وأما من أراد الخير وسعى في الخير وحرص عليه فإن الله تعالى ييسره لليسرى، ولما حدث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه: بأنه ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعدة من النار، قالوا: يا رسول الله أفلا نتكل على الكتاب وندع العمل؟ قال: لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له ـ ثم قرأ هذه الآية: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ـ إلخ.
والله أعلم.