عنوان الفتوى : أطفال المسلمين الموتى...مصيرهم..وأحوالهم بعد الموت
السلام عليكم لقد أنجبت طفلة ثم توفيت وعمرها سنة وشهران
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من مات صغيراً من أولاد المسلمين قبل أن يجري عليه القلم فإنهم في الجنة، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال "ما منكن من امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة إلا كان لها حجاباً من النار، فقالت : امرأة منهن يا رسول الله أو اثنين؟ قال : فأعادتها مرتين، ثم قال: واثنين واثنين"
قال القرطبي في الحديث " دليل على أن أطفال المسلمين في الجنة -والله أعلم- لأن الرحمة إذا نزلت بآبائهم استحال أن يرحموا من أجل من ليس بمرحوم. وهذا إجماع من العلماء في أن أطفال المسلمين في الجنة. ولم يخالف في ذلك إلا فرقة شذت من الجبرية فجعلتهم في المشيئة، وهو قول مهجور مردود بإجماع الحجة الذي لا تجوز مخالفتهم".
وقال النووي في شرح مسلم " أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة لأنه ليس مكلفاً " .
بل ذهب بعض أهل التفسير من السلف إلى أن أصحاب اليمين في قوله تعالى( كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين) قال أطفال المسلمين .
وأما سماع الطفل الميت لمن يزوره وشعوره به فهو كغيره من الموتى، ولا دليل يفرق بين الكبير والصغير في ذلك. وعليه فانظري الجواب رقم :
4276
أما أن الميت يرى من يزوره فلم يثبت ذلك شرعاً، ولا سبيل إلى الخوض فيما وراء الموت إلا َّ بثابت النقل وهذا معدوم هنا .
والأطفال - والله أعلم- يحشرون مع سائر الناس في المحشر، ولايمكن أن يهتم بالطفل والده أو أمه كما لا يهتم هو بهم في ذلك الوقت، لا نشغال كل منهم بنفسه من هول الموقف، حيث يقول الله سبحانه(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ *وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [سورة عبس]، أما إذا دخل الوالد أو الأم الجنة فلا ريب أنه يلتقي بأولاده وأهله فيها من كان منهم من أهل الجنة، بل إذا كانوا في منزلة دونه من منازل الجنة رفعهم الله إلى منزلته إكراماً له وإذا كان هو في منزلة دونهم رفعه الله إليهم إكراماً لهم، قال تعالى(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) [ الطور :21].
وعليك بالصبر والاحتساب في مصيبتك واسترجعي احمدي لله على ذلك لتحوزي الأجر والثواب والخلف الصالح .
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول "إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: أقبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم ، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع! فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد" رواه أحمد و والترمذي عن أبي موسى .
وروى مسلم عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله عز وجل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها" .
ولا تستسلمي لمثل هذا التفكير في ابنتك التي آوت إلى الجنة، واحرصي على العمل الصالح حتى إذا مت لحقت بها في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
والله أعلم.