عنوان الفتوى : زوجها يسيء معاملتها ، ويدعو عليها ، ويمنعها من ضرب أولادهما
زوجي يسبني عند كل خلاف وتلك الألفاظ تجرح مشاعري ولا أنساها ، كما إنه يضربني وإن كان سبب الخلاف بسيطا ، مثلا التشاجر حول الأبناء : هل يحق له أن يمنعني من ضرب الأبناء ، ويدعو علي إذا قمت بذلك ، أنا أضربهم عندما يقتضي الأمر ذلك ، وليس ضربا عنيفا ، لكنه يقول لا تضربيهم البتة . هل دعاؤه علي يستجاب ؟ دائما يثير غيرتي ويقول سأعدد وأتزوج عليك ، فالله خلق لنا النساء للاستمتاع بهن ، وامرأتان ليس كواحدة ، ويقول أمور لا أجرؤ على ذكرها ، من مقارنة جسد امرأتين ، مع العلم أنه لم يتزوج لحد الساعة لكنه في كل وقت يقول لي هذا الكلام ؟!
الحمد لله
أولا :
الواقع أننا لا نحتاج إلى الاسترسال كثيرا في بيان أخطاء الزوج ، أخطائه في معاملة
زوجته ، وأخطائه في تربية أولاده ، وأخطائه في التلويح بأمر الزواج ، هذا من حيث
المبدأ ؛ فكيف إذا تطرق إلى التفاصيل التي تشيرين إليها ؟! فهذا لا شك أشنع وأشنع ،
وتأبى المروءات والأخلاق الكريمة من الحديث في مثل ذلك .
وليس من حسن العشرة ، بل ولا من الحكمة والكياسة أن يذكر الرجل لامرأته أمر الزواج
الآخر ، بلا مبرر ، بل عليه أن يعاشرها بالمعروف ، ومتى كان عازما جادا في أمر
الزواج الآخر ، فلكل حادث حديث .
لكن كما قلنا : ليس هنا محل الاسترسال في بيان هذه الأخطاء ، لأن الزوج ليس هو
السائل حتى نعظه ونبين له ، وإنما الزوجة هي السائلة .
على أننا قد بينا الكلام على ضرب الزوجة وأحكامه في أجوبة عديدة ، فينظر جواب
السؤال رقم (41199)، ورقم(150762).
ثانيا :
وأما الاستعانة بالضرب في تأديب الأولاد وتعليم فهو أمر مشروع ، قد جاءت بمثله
السنة .
جاء في "الموسوعة الفقهية" ـ (10/24-25) :
" يُؤَدَّبُ الصَّبِيُّ بِالأَمْرِ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالنَّهْيِ عَنِ
الْمُنْكَرَاتِ بِالْقَوْلِ ، ثُمَّ الْوَعِيدِ ، ثُمَّ التَّعْنِيفِ ، ثُمَّ
الضَّرْبِ ، إِنْ لَمْ تُجْدِ الطُّرُقُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَهُ ، وَلا يُضْرَبُ
الصَّبِيُّ لِتَرْكِ الصَّلاةِ إِلا إِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ ، لِحَدِيثِ : "
مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ
عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي
الْمَضَاجِعِ ) [رواه أَبُو داود (495) وحسنه النووي] " .
وَلا يُجَاوِزُ ثَلاثًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ
.
وَهِيَ أَيْضًا عَلَى التَّرْتِيبِ ، فَلا يَرْقَى إِلَى مَرْتَبَةٍ إِذَا كَانَ
مَا قَبْلَهَا يَفِي بِالْغَرَضِ وَهُوَ الإِصْلاحُ".
وينظر في ضرب الأولاد جواب السؤال رقم (3347)
.
والمرأة لها حق الرعاية والتأديب على أولادها ، ولو بضربهم ضربا مناسبا ، حين يحتاج
الأمر إلى ذلك .
وقد ثبت في الحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ
بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ) رواه البخاري (893) ومسلم
(1829) واللفظ له .
ثالثا :
قال الله تعالى : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ
الْمُعْتَدِينَ ) الأعراف/55
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ
بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ) رواه مسلم (2735) .
والحاصل :
أن الله تعالى شرط على عباده ألا يعتدوا في دعائهم ، وألا يدعوا بإثم أو قطيعة ،
ومتى دعا بذلك : فقد خالف الأدب الذي أدبه به ربه ، وهو إلى العقاب والمؤاخذة على
ذلك أقرب منه إلى إجابة دعائه ، أو نزول ما دعا به على أخيه أو رحمه .
وبعد ؛ فالذي ننصحك به أن تصبري على ما بدا لك من أخلاق وزوجك ، وشدته في بعض
الأحيان ، وحاولي أن تكوني حكيمة في مواجهته ، وحسن معاشرته، وتجنبي ـ قدر طاقتك ـ
ما يثيره عليك ، وفي لحظات الهدوء والسكينة حاولي أن تتفاهمي معه بهدوء ، ولا تدخلي
طرفا ثالثا إلا في حال الضرورة القصوى ، وحينئذ ، يجب عليك أن تتخيري الناصح الأمين
، الصادق الود ، من أهلك وأهله .
والله تعالى يبارك لكما ، ويصلح ذات بينكما .
والله أعلم .