عنوان الفتوى : تشعر بالاكتئاب ، والخوف الشديد من الزواج .
بدأت أعاني مؤخراً مما أعتقد أنه من أعراض الاكتئاب، كما أعاني من إحساس دائم بضعف تقديري لذاتي، وأشعر أنني عبء على الآخرين ، ولا أقدم لهم أية منفعة . وكنت قد اعتدت على المواظبة على الصلاة والعبادة ، ولكني أصبحت أعاني ذلك الشعور بضيق الصدر والبعد عن الله . وقد نصحني أفراد الأسرة التي أقيم معها ( فهم ليسوا عائلتي من النسب) أن أتزوج مراراً وتكراراً، حيث يعتقدون أن الزواج كفيلٌ بأن يعينني على التأقلم على أسلوب حياتي الجديدة كمسلمة ، حيث إنني ممن تحولوا إلى الإسلام. وكنت أوافقهم الرأي أن فكرة الزواج فكرة ممتازة، ولكني كنت أهرب من أي عرض للزواج يظهر أمامي. وقد أصبح الزواج بالنسبة لي الآن من أكثر الأمور التي أرهبها، حيث أشعر أنني لست كفؤا للزواج من أي رجل. وكلما حاولت التكلم مع من حولي عما أشعر به تجاه الزواج، وما يخالجني من ضعف الثقة في النفس والشعور بضعف تقديري لذاتي، لا يصدقني أحد حيث ينخدعون بما أبدو عليه من مظهر. وقد اتجهت إلى الزنا ظناً مني أنني سوف أجد فيه الأمان والحب، ولكني كنت مخطئةً، فما كان من نتيجة ذلك إلا أن ازداد شعوري بعدم أهميتي، وأصبحت أشعر بالخزي، وكل ما أستطيع فعله هو التوبة. وأنا الآن أعاني من اضطرابات في النوم أثناء الليل وكثيراً ما تراودني الأحلام المزعجة، فأستيقظ فأجد نفسي غارقةً في عرقٍ بارد، وأشعر أن شيئاً ما يلاحقني، وأخشى أن أصاب بالجنون. أشعر أنني أتهاوى إلى أشلاء ممزقة، كما أن مبتلاه بفترات من البكاء الطويل الذي يصيبني لأبسط الأسباب، فأعزل نفسي باستمرار فيمر اليوم بين البكاء والنوم. وقد وجدت حباً جديداً متمثلاً في الأشياء المادية، مما قادني لمزيد من الشعور بالسوء، حيث أنني لم أكن أبداً مادية بطبعيً، وهذا الأمر يخيفني حقاً، فلم أعد أعلم طريق السعادة. ودائماً ما أذهب إلى المسجد بعد انتهاء اليوم الدراسي، حيث أنني أشعر بالوحدة في المنزل، حيث تكون أمي في المنزل منكبة على تناول الخمور برفقة صديقها، ويكون أخي تحت تأثير المخدرات. وهذه الحياة التي أعيشها تشعرني بالهلاك، وأعلم أنني أحتاج الكثير من الإرشاد. وأنا أرغب بكل صدق في حياة التدين والالتزام، وأفكر أن أجبر نفسي على الزواج للحصول على الارشاد والمساعدة الذين أبتغيهما. ولكني لا أعرف ما الذي يجب علي أن أفعله .
الحمد لله
لا ينقضي العجب ـ يا أمة الله ـ مما فعلتيه بنفسك ؛ لقد فتحت على نفسك أبوابا عجيبة
من الهموم والأحزان والآلام التي كنت في غنى عنها ، لو أنك تصرفت التصرف الطبيعي
الذي يتصرفه الناس ، ويتحتم أكثر على من كان في مثل حالك .
لقد نصحك من أمرك بالزواج ، لقد كنت ، وما زلت في أمس الحاجة إليه .
لكنك هربت من الزواج ، الطاهر النقي ، الذي يوفر لك السكن ، والمودة ، والمحبة ،
والطمأنينة ، ولجأت إلى ماذا ، يا أمة الله ، لجأت إلى الزنا ؟!!
فأي عاقل يقول هذا أو يقبله ؟!
إننا لا نقول لك : لقد كنت كمن يتسجير من الرمضاء بالنار!!
لا بل أنت تركت الظلال ، والروح والسرور ، واخترت الرمضاء والحرور ، بلا أدنى مبرر
أو داع . فلا حول ولا قوة إلا بالله .
والواجب عليك ـ يا أمة الله ـ أن تتدراكي نفسك ـ أولا ـ بالتوبة النصوح مما وقعت
فيه ، ومن حالك التي أنت فيها ، وتغسلي بماء التوبة والندم ، كل ما عليك من الهموم
والأوزار ، والأحزان ، وافتحي صفحة جديدة بيضاء نقية مع ربك ، وتصالحي مع نفسك ،
وثقي بربك ، واعتمدي عليه ، وأكثري من الطيبات الصالحات ، من الأقوال والأفعال ،
لعل الله أن يعفو عنك ، ويغسل عنك عار ما فات ؛ قال الله تعالى : ( وَأَقِمِ
الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ
اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) هود/114-115 .
ولا نشك في أن من أهم الأمور إليك ، أن تسعي إلى الزواج المناسب ، من رجل صالح ،
يعوضك عما فات ، ويعينك على صلاح دينك ، وإعفاف نفسك .
غير أنه يبدو لنا من رسالتك أنك ـ فعلا ـ تحتاجين إلى أن تعرضي نفسك على طبيب نفسي
، لعله أن يعينيك ببعض النصائح أو العلاج النافع لمثل حالك ، قبل أن تتطور الأمور ،
مع حرصك قبله ، وبعده ، على العلاج الإيماني الذي نصحناك به .
وننبهك هنا إلى أنه لا يحل لك أن تقيمي في بيت يكون فيه رجل أجنبي عنك ، لما يترتب
على ذلك من المفاسد الكثيرة ، فحاولي أن تقيمي مع والديك ، أو مع والدك ، ولو كان
كافرا ، ، فإن لم يتيسر لك ذلك ، فأقيمي مع رفقة مأمونة من النساء ، إلى أن يرزقك
الله الزوج الصالح ، وتستغني عن ذلك كله .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |