عنوان الفتوى : تزوجت قبل انقضاء عدتها من الأول فما الحكم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لقد طلقني زوجي الأول ثلاث مرات ثم تزوجت بأخر و نظرا أنه ليس لي أقارب فقد تزوجته بنفسي و لكن حدث خطأ في حساب مدة العدة بعشرة أيام و لكن زوجي الثاني لم يلمسني إلا بعد أسبوعين لظروف سفرة فهل زواجي صحيح أولا ماذا أفعل .

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق


الحمد لله
أولا :
عدة المرأة إذا كانت من ذوات الحيض : ثلاث حيضات ، لقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) البقرة/228 ، وإن كانت لا تحيض لكونها صغيرة أو آيسة ، فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن كانت حاملا فعدتها وضع الحمل ؛ لقوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) الطلاق/4 .
وقد اتفق الفقهاء على أن المرأة التي تحيض عدتها ثلاثة قروء ؛ للآية السابقة ، ثم اختلفوا في القرء هل هو الحيض أو الطهر ؟ والذي تدل عليه الأدلة ، وهو مذهب الحنفية والحنابلة أن القرء هو الحيض ، فإن انقضت حيضتها الثالثة فقد انتهت عدتها ، وجاز العقد عليها .
وأما على القول بأن القرء هو الطهر ، كما هو مذهب المالكية والشافعية ، فإن عدة المرأة تنتهي برؤية الدم من الحيضة الثالثة إن كان قد طلقها وهي طاهر ، أو برؤية الدم من الحيضة الرابعة ، إن كان قد طلقها وهي حائض . ينظر : المغني (8/81- 84).
ثانيا :
إذا كان عقد النكاح قد وقع بعد انقضاء العدة ، فالنكاح صحيح .
وإن كان وقع قبل انقضائها فالنكاح باطل ، ووجب أن يفرق بينكما ، ثم تكملي عدة الأول ،
جاء في "الموسوعة الفقهية" (29/ 346) : " اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز للأجنبي نكاح المعتدة أيا كانت عدتها من طلاق أو موت أو فسخ أو شبهة ، وسواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا بينونة صغرى أو كبرى . وذلك لحفظ الأنساب وصونها من الاختلاط ومراعاة لحق الزوج الأول ، فإن عقد النكاح على المعتدة في عدتها ، فُرّق بينها وبين من عقد عليها ، واستدلوا بقوله تعالى : ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) والمراد تمام العدة ، والمعنى : لا تعزموا على عقدة النكاح في زمان العدة ، أو لا تعقدوا عقدة النكاح حتى ينقضي ما كتب الله عليها من العدة ... وفي الموطأ : أن طليحة الأسدية كانت زوجة رشيد الثقفي وطلقها ، فنكحت في عدتها ، فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بخفقةٍ ضربات ، وفرق بينهما ، ثم قال عمر : أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ، ثم إن شاء كان خاطبا من الخطاب . وإن كان دخل بها فُرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ، ثم اعتدت من الآخر ، ثم لا ينكحها أبدا " انتهى .

وهذا الأثر عن عمر رضي الله عنه يفيد أن المطلقة إن تزوجت قبل انقضاء عدتها ، فلها حالتان :
الأولى : أن يتم العقد فقط دون الدخول : فيفرق بينهما ، وتكمل عدة الأول ، ثم للثاني أن يتزوج بها بعد ذلك .
الثانية : أن يتم العقد والدخول : فيفرق بينهما ، وتكمل عدة الأول ، ثم تعتد من الثاني ، وتحرم عليه تحريما مؤبدا ، فلا يجوز أن ينكحها بعد ذلك ، وهذا مذهب المالكية وقول عند الحنابلة .
وأما الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة فذهبوا إلى أن الثاني له أن يتزوجها بعد انقضاء العدة .
إلا أن الحنابلة يقولون : لا يتزوجها إلا بعد انقضاء " العدتين " ، عدة الأول ، وعدة الثاني . قال في "مطالب أولي النهى" : "وللثاني الذي تزوجته في عدتها ووطئها أن ينكحها بعد انقضاء العدتين ، لأنه قبل انقضاء عدة الأول يكون ناكحا في عدة غيره ، وأما انقضاء عدته فلأنها عدة لم تثبت لحقه ؛ لأن نكاحه لا أثر له ، وإنما هي لحق الولد فلم يجز له النكاح فيها كعدة غيره " انتهى .
ينظر : المنتقى للباجي (3/ 317) ، مطالب أولي النهى (5/ 97، 577) ، أحكام القرآن للجصاص (1/ 580) ، فتاوى اللجنة الدائمة (18/ 248) .

ولعل الراجح هو أنها إذا أتممت عدة الأول ، جاز أن يعقد عليك الثاني ، ولا تحتاج إلى عدة منه . وينظر : الشرح الممتع (13/ 387) .
والحاصل : أنه إذا كان عقد النكاح وقع قبل انتهاء عدة الأول ، فالنكاح باطل ، ويلزمك فراق زوجك الثاني ، وإتمام عدة الأول ، ثم للثاني أن يعقد عليك إذا رضيت الزواج منه ، ويجب أن يكون ذلك عن طريق وليك ، في حضور شاهدين عدلين ، ولا يجوز أن تتولى المرأة عقد النكاح بنفسها .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (89582) ورقم : (2127) .
والله أعلم .