عنوان الفتوى : حكم النظر إلى فرج الزوج والزوجة
هل يجوز النظر إلى فرج الزوجة أو إلى فرج الزوج لأنني قرأت في أحد المواقع أنه لا يجوز ، ولا أعلم مقصد كاتب الموضوع هل يحرم النظر وقت الجماع أم غير وقت الجماع ، وقد أورد دليلا ضمن سياق الكلام وهو ( فإن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما رأيت فرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط. رواه ابن ماجه، وفي لفظٍ قالت: ما رأيته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و لا رآه مني. ا. هـ المراد نقله من كلامه - رحمه الله -. )
الحمد لله :
يجوز لكل واحد من الزوجين النظر إلى عورة الآخر ، سواء في حال الجماع ، أو الاغتسال
أو غيرهما من الأحوال ، وليس في الأدلة الشرعية الصحيحة ما يمنع من ذلك ، كما سبق
بيانه في جواب السؤال (3801) .
بل ورد من الأدلة ما يدل على جواز ذلك .
فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَاحِدٍ ،
فَيُبَادِرُنِي حَتَّى أَقُولَ دَعْ لِي ، دَعْ لِي ، قَالَتْ: وَهُمَا جُنُبَانِ .
رواه البخاري (261) ، ومسلم (321) واللفظ له.
قال الحافظ ابن حجر : " وَاسْتَدَلَّ بِهِ الدَّاوُدِيّ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ
الرَّجُلِ إِلَى عَوْرَةِ اِمْرَأَتِهِ وَعَكْسه ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ
اِبْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَان بْن مُوسَى أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ
يَنْظُرُ إِلَى فَرْجِ اِمْرَأَتِهِ ، فَقَالَ : سَأَلْتُ عَطَاء ، فَقَالَ :
سَأَلْت عَائِشَة ، فَذَكَرَتْ هَذَا الْحَدِيث بِمَعْنَاهُ ، وَهُوَ نَصٌّ فِي
الْمَسْأَلَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ". انتهى ، " فتح الباري" (1/364) .
وفي سنن الترمذي (2769) عن مُعَاوِيَة بْن حَيْدَةَ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ .
قَالَ : ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ ، إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ ، أَوْ مَا مَلَكَتْ
يَمِينُكَ ) .
قال الحافظ ابن حجر : " وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ ( إِلَّا مِنْ زَوْجَتك ) يَدُلُّ
عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا النَّظَرُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ ، وَقِيَاسه أَنَّهُ
يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ ". انتهى " فتح الباري" (1/386) .
وهذا القول هو مذهب جمهور الفقهاء . ينظر " الموسوعة الفقهية" (32/89) .
قال ابن قدامة المقدسي : " وَيُبَاحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ النَّظَرُ
إلَى جَمِيعِ بَدَنِ صَاحِبِهِ ، وَلَمْسُهُ ، حَتَّى الْفَرْجِ ... ؛ وَلِأَنَّ
الْفَرْجَ يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِ ، فَجَازَ النَّظَرُ إلَيْهِ
وَلَمْسُهُ ، كَبَقِيَّةِ الْبَدَنِ ". انتهى " المغني" (7/77) .
وفي " حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (2/ 215) : "
وَحَلَّ لَهُمَا ، أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ ... نَظَرُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ
جَسَدِ صَاحِبِهِ ، حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ نَظَرَ
فَرْجِهَا يُورِثُ الْعَمَى مُنْكَرٌ لا أَصْلَ لَهُ ". انتهى .
وقال ابن حزم الظاهري : " وحَلالٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى فَرْجِ
امْرَأَتِهِ : زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ الَّتِي يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا ، وَكَذَلِكَ
لَهُمَا أَنْ يَنْظُرَا إلَى فَرْجِهِ ، لا كَرَاهِيَةَ فِي ذَلِكَ أَصْلا .
بُرْهَانُ ذَلِكَ : الأَخْبَارُ الْمَشْهُورَةُ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ
سَلَمَةَ ، وَمَيْمُونَةَ : أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ
أَنَّهُنَّ كُنَّ يَغْتَسِلْنَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ
الْجَنَابَةِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ .
وَمِنْ الْعَجَبِ أَنْ يُبِيحَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّفِينَ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ
وَطْءَ الْفَرْجِ وَيَمْنَعَ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِ ، وَيَكْفِي مِنْ هَذَا قَوْلُ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلَّا عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) ،
فَأَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِحِفْظِ الْفَرْجِ إلا عَلَى الزَّوْجَةِ وَمِلْكِ
الْيَمِينِ ، فَلا مَلامَةَ فِي ذَلِكَ ، وَهَذَا عُمُومٌ فِي رُؤْيَتِهِ ،
وَلَمْسِهِ ، وَمُخَالَطَتِهِ .
وَمَا نَعْلَمُ لِلْمُخَالِفِ تَعَلُّقًا إلا بِأَثَرٍ سَخِيفٍ عَنْ امْرَأَةٍ
مَجْهُولَةٍ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : مَا رَأَيْتُ فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم قَطُّ ". انتهى " المحلى" (10/33) .
والحديث المذكور رواه ابن ماجه في سننه (662) عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
مَوْلًى لِعَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : ( مَا نَظَرْتُ أَوْ مَا رَأَيْتُ
فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ).
وهذا الحديث ضعيف لا تقوم به حجة ؛ لأن الراوي له عن عائشة مجهول .
قال الحافظ ابن رجب في " فتح الباري" (1/336): " في إسناده من لا يُعرف ". انتهى.
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة " (2/95) : " هذا إسناد ضعيف لجهالة تابعيه " .
وقال الشيخ الألباني معلقا على الحديث المكذوب: (إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته
فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى) .
قال : " والنظر الصحيح يدل على بطلان هذا الحديث ، فإن تحريم النظر بالنسبة للجماع
من باب تحريم الوسائل ، فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجته ، فهل يعقل أن
يمنعه من النظر إلى فرجها ؟ ! اللهم لا .... وإذا تبين هذا ، فلا فرق حينئذ بين
النظر عند الاغتسال أو الجماع ، فثبت بطلان الحديث ". انتهى كلام الشيخ الألباني ،
" السلسة الضعيفة " (1 /197).
والحاصل : أنه لا يصح شيء من الأحاديث الواردة في
كراهة رؤية أحد الزوجين لعورة لأخر ، فيبقى الأمر على الإباحة الأصلية ، فكيف وقد
ورد من الأدلة ما يؤكد جواز ذلك .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري |
---|
حكم النظر إلى فرج الزوج والزوجة |