عنوان الفتوى : حكم هجر الجار لغرض اجتناب المعاصي
هل مقاطعة الجيران وعدم زيارتهم لأني بذهابي إليهم أقترف ذنوبا كثيرة مثل الاستغابة وهم دائما ينتقدوني ويسخرون مني لأني مثلا قصيرة القامة وبشعة فأنا اضطر لاستغابتهم وصراحة أنا أكرههم بسبب تصرفاتهم الغير لائقة وانتقاداتهم فهل مقاطعتهم حرام اجتنابا لارتكاب الآثام؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد :
فلا شك أن حق الجار على جاره حق عظيم حث عليه الإسلام ، وأوصى به كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما كتاب الله فيقول ربنا تعالى ( واعبدو الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وماملكت أيمانكم إن الله لايحب من كان مختالاً فخوراً ) [ النساء : 36 ]
وأما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً " .
وفي مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه، أو قال لجاره ما يحب لنفسه ". وفي مسلم وابن ماجه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " .
وما يفعله جيرانك من السخرية ذنب يجب عليهم أن يتوبوا منه، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنّ) [ الحجرات: من الآية11] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة " رواه أحمد عن أبي هريرة .
وعليك أن تحسني إليهم وإن أساؤا إليك، وأن ترشديهم إلى الخير بالوسائل المختلفة من الكلمة الطيبة والشريط الإسلامي الهادف والكتاب النافع . فإن لم يجد ذلك كله وكان في جلوسك معهم ارتكاب لبعض الذنوب كالغيبة - كما ذكرت - فلا حرج عليك أن تعرضي عنهم وتهجريهم .
والله أعلم .