عنوان الفتوى : هل يجوز أن تجعل مهرها ترك زوجها للتدخين ؟ وكلمة حول المهور وأنواعها
سأتزوج بإذن الله في القريب العاجل من رجل متدين ، ولله الحمد ، ولكن مشكلته أنه مدخن ، وقد وعدني أنه سيقلع عن التدخين ، وقد بدأ في المحاولة ، ولكن كما تعلمون فإن ذلك ليس بالأمر السهل ، لذلك فكرت في أن أشجعه بطريقة ما ، فخطر في ذهني أن أقول له : أن يكون مهري تركه للتدخين ، فهل هذا جائز في الشرع ؟ فليس هناك ما يجعلني أحرص على أن أحصل على المال ، كما أنه ميسور ويمكن أن يعطيني ما أريد من المال في أي وقت . وهل يجوز أن نخفي هذا الموضوع حتى لا تُثار بلبلة حول ما فعلناه ؟ لأن الناس اعتادوا على أخذ المهر مالاً وسيكون في هذا مرتعاً لهم للحديث فيما لا شأن لهم به ، كما أنه قد يحرج زوجي بصورة أو بأخرى ، أو بشكل آخر : هل يجوز أن يعطيني مبلغاً صغيراً من المال فقط لتدوين ذلك في الأوراق الرسمية ولتكميم أفواه الناس ، أما المهر الأصلي فيكون المتفق عليه بيني وبينه وهو الإقلاع عن التدخين ؟ . أعتذر إن كان السؤال يبدو سخيفاً ولكنه مهم بالنسبة لي ، ولا أريد شيئاً في الوقت الحاضر أكثر من أن يقلع عن التدخين .
الحمد لله
أولاً :
السؤال ليس سخيفاً ، بل هو مهم ، ويدل على رجاحة عقل ومتانة دين – إن شاء الله - .
وقد ذهب عامة العلماء إلى اشتراط كون المهر مالاً ، أو منفعة يصح أخذ الأجرة عليها
، كتعليم المرأة علم مباح ، ويدل لذلك قول الله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا
وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ
مُسَافِحِينَ) النساء/24 .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 39 / 155 ، 156 ) :
جمهور الفقهاء - المالكية والشافعية والحنابلة - أن كل ما جاز أن يكون ثمناً أو
مثمناً أو أجرة : جاز جعله صداقاً ... .
وصرَّح الحنفية بأن المهر ما يكون مالاً متقوَّماً عند الناس ، فإذا سمَّيا ما هو
مال : يصح التسمية ، وما لا : فلا . انتهى
والجمهور على جواز كون المهر منافع يمكن أخذ العوَض عنها .
وجاء فيها أيضاً ( 39 / 156 ) :
ذهب المالكية في المشهور والشافعية والحنابلة إلى أنه يجوز أن تكون المنفعة صداقاً
؛ جرياً على أصلهم من أن كل ما يجوز أخذ العوض عنه يصح تسميته صداقاً ، فيصح أن
يَجعل منافع داره أو دابته أو عبده سنَة صداقاً لزوجته ، أو يجعل صداقَها خدمتُه
لها في زرع أو بناء دار أو خياطة ثوب أو في سفر الحج مثلاً . انتهى
وبهذا يتبين أن الأئمة الأربعة يمنعون الصورة التي تسألين عنها ، ويعتبرون ذلك غير
صحيح.
وقد ورد أن أم سليم رضي الله عنها اشترطت على أبي طلحة أن يسلم ، وجعلت إسلامه
مهرها .
فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ ،
فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا مِثْلُكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ يُرَدُّ ، وَلَكِنَّكَ
رَجُلٌ كَافِرٌ ، وَأَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ ، وَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ
أَتَزَوَّجَكَ ، فَإِنْ تُسْلِمْ فَذَاكَ مَهْرِي ، وَمَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ ،
فَأَسْلَمَ فَكَانَ ذَلِكَ مَهْرَهَا .
قَالَ ثَابِتٌ : فَمَا سَمِعْتُ بِامْرَأَةٍ قَطُّ كَانَتْ أَكْرَمَ مَهْرًا مِنْ
أُمِّ سُلَيْمٍ الْإِسْلَامَ . رواه النسائي ( 3341 ) وصححه ابن حجر في " فتح
الباري " ( 9 / 115 ) – وردَّ على من أعلَّ متنه – وصححه الألباني في " صحيح
النسائي " .
وقد بوَّب عليهما النسائي بقوله " باب التزويج على الإسلام " .
فهذا فيه اشتراط إسلام الزوج ويكون هو المهر ، وهو - قطعاً- ليس مالاً .
ولكن .. يحتمل اختصاص ذلك بالإسلام لعظم المنفعة فيه ، ويحتمل أن يقاس على ذلك
اشتراط طاعة على الزوج يقوم بها ، أو معصية يتركها .
وعلى كل حال ، فالذي ينبغي حتى يكون المهر صحيحاً بلا إشكال ، أن يتم الاتفاق مع
الزوج على مقدار معين من المال يكون هو المهر ، ولو كان قليلاً ، ويُشترط عليه أن
يترك هذه المعصية (الدخان) حتى يتم النكاح .
ولكن ننصحك .. ألا يتم النكاح حتى تمضي فترة تظهر فيها توبته وصدقه في ترك هذه
المعصية .
ونسأل الله أن يجعل من أمرك يسراً ، وأن ييسر لك زوجاً صالحاً ، ويرزقك ذرية طيبة .
والله أعلم
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |