عنوان الفتوى : من حسن عشرة الزوج الإحسان إلى أهله والتجاوز عن زلاتهم
أنا متزوجة من عشرة سنين والحمد الله وأنا إنسانة قنوعة جداً. ومغتربة من أجل أن نكون مستقبلنا ومستقبل أولادنا. مشكلتي في أهل زوجي. زوجي يساعد أهله كثيراً جداً وبرضاي وأنا أشجعه على ذلك لا أستطيع أن أصف لكم الخير الذي فعله بهم وكل برضاي وبعلمي يعني ببساطة كل ما نجمع مبلغا معينا يعطيهم إياه. وأنا أصبر وأحتسب وأقول معلش أهله، وحجج أخواته خمس نجوم وبعث جميع الأسرة للعمرة على حسابه. وعمل لأمه عملية بمبلغ خيالي. وعندما رجعت الأم إلى البلد رجعت بالذهب والمال يعني لما كانوا عندي وضعتهم على رأسي من فوق. ولو أرادو أي شيء أفعلهم لهم. وبكل رضى ورحابة صدر مع أنهم يضايقونني كثيراً.. ومع ذلك لا أهتم أقول هذا كله غيرة وخلاص. حتى حدث ما لم يكن في الحسبان بعد صبري وغربتي وأخدوا كل المال الذي جمعناه في الغربة والآن على فكرة هم يبنون بيتا من ثلاثة طوابق لهم ولإخوتهم الأولاد وطبعا زوجي من يدفع. وأنا لازلت في الغربة في بيت إيجار. وعندما أتكلم على المستقبل والأولاد يقول لي إن بيتا في الجنة أحسن وهذا كله الذي نعمل فيه يدخلنا للجنة. أقول له طيب أولادك يقول لي أبي لم يفعل لي شيئا يعني أن أدرس أولاده فقط وهم يجتهدون في حياتهم.. هل هذا الكلام صحيح؟ يعني هل فعلا أن الأب يصرف ماله على إخوته. وملاحظة مهمة أن جميع إخوته وأخواته يشتغلون وعندهم مصدر مالي يعني ليسوا محتاجين ولا مساكين وأمه تأخذ معاش زوجها المتوفى من الحكومة. طبعا في عيد الأضحى الماضى ذهبنا للعيد معهم. وانتهى العيد ورجعنا وبعد أقل من شهر اتصلوا بالهاتف إلى زوجي وقالوا له إن زوجتك متكبرة علينا ولا تحبنا وهي تريد أن تقطع رحمك من إخوتك وهي التي تجعلك تعيش في الغربة بعيد عنا وهي عاملة لك سحر وأنت تصرف على أولادك كثيرا وكلاما ليس له معنى. وشككوه في أخلاقي وفي كل شيء... وهذا كل ذنبي أني محترمة معهم ولا عمري في حياتي جرحتهم ولا قلت لهم كيف تأخذون تعب غربتي أبداً. طبعا زوجي سمع لهم وسمعني كلاما وجرحني من غير شيء وقلت له إنهم يكذبون ويريدون التفريق بيننا من أجل المال يعتقدون أن المال الذي تعطي لهم أنا آخذ أضعافه. قلت له إن الذي فعلته في أهلك لو فعلته ليهودي متأكدة إنه سيعلن إسلامه. المهم هذا ما حدث لي وأنا الآن في النكد والحزن بسبب كلام تافه ناس يريدون لي دمار عائلتي مع صبري على الغربة. وعلى فكرة في الغربة لم أكن مرتاحة لأن أخاه جاء يدرس عندنا ومع هذا أقول معلش أخوه. الآن يا سادتي الكرام أنا مجروحة جداً. سؤالي: هل فعلا علي أن أصبر ولا أتكلم على المال الذي يصرف على إخوته وأنا المغتربة؟ وهل فعلا أن أهم شيء بيت في الجنة وأن بيت الدنيا من حق أهله؟ وهل من حق الزوج أن يجبر الزوجة أن تتنازل لأهله مع أنهم هم المخطئون في حقها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان زوجك ينفق عليك بالمعروف، فلا حق لك في الاعتراض على ما ينفقه من ماله على أمه وإخوته سواء كان هذا الإنفاق واجباً عليه أو كان تبرعاً وإحساناً منه، واعلمي أن حرص زوجك على بر أمه وصلة إخوته علامة خير وصلاح. وإنفاقه عليهم من أفضل أعمال البر ومن صلة الرحم التي يرجى أن تعود عليكم بالبركة والخير في دينكم ودنياكم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه.
لكن السعي في بناء بيت للأولاد هو أيضاً من الأعمال الصالحة التي يرجى بها الجنة.
قال ابن مفلح: أعلم أن المسكن لا بد للإنسان منه في الجملة فيجب تحصيله لنفسه ولمن تلزمه نفقته، ومثل هذا يعاقب على تركه ويثاب على فعله، وموته عنه كبقية ماله المخلف عنه لورثته يثاب عليه، قال عليه السلام لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. متفق عليه. الآداب الشرعية.
وقال النووي في شرح حديث سعد: وفي هذا الحديث حث على صلة الأرحام والإحسان إلى الأقارب والشفقة على الورثة وأن صلة القريب الأقرب والإحسان إليه أفضل من الأبعد. شرح النووي على مسلم.
وعلى ذلك فلا مانع من مناصحتك لزوجك برفق وحكمة بالموازنة بين إنفاقه على أهله فيما يزيد عن حاجتهم وبين ادخار شيء من المال لبيته وأولاده، وننبه إلى أن من محاسن أخلاق الزوجة وطيب عشرتها لزوجها، إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، وذلك مما يزيد من محبة زوجها واحترامه لها، وهو من حسن الخلق الذي يثقل الموازين يوم القيامة... وليس من حق الزوج أن يجبر زوجته على التغاضي عن ظلم أهله لها، لكن ننبه إلى أن العفو عن المسيء من أفضل الأعمال التي يحبها الله وهو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته كما أنه يزيد صاحبه عزاً وكرامة.
والله أعلم.