عنوان الفتوى : مسائل في صلاة الاستسقاء

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

لو تكرمتم - بالإجابة عن هذه الأسئلة: بالنسبة لصلاة الاستسقاء هل يسن في يوم الاستسقاء الصيام وكذلك ثلاثة أيام قبله؟ وإذا صلوا الاستسقاء في المسجد هل من السنة أن يخطب الإمام في المكان الذي صلى فيه؟ أم يسن له أن يصعد المنبر مثل خطبة الجمعة؟ وهل هي خطبة واحدة أم خطبتان كالجمعة؟ وإذا بدأ الخطيب بالدعاء في الخطبة هل يسن له وللمأمومين رفع أياديهم ؟ وهل يسن رفع ظاهر الأكف إلى السماء أم باطنها في الخطبة؟ ومتى يسن لكل من الخطيب ولهم تحويل الرداء هل في آخر الخطبة أم قبل انتهائها بقليل؟ وهل يبقون محولين أرديتهم إلى أن يصلوا إلى منازلهم أم فقط إلى أن تنتهي الخطبة؟ وبعد الخطبة ماذا يفعلون؟ هل يسن للخطيب الدعاء على المنبر أم ينزل من المنبر ويدعو في المكان الذي صلى فيه الاستسقاء ؟ وهل يدعو كل من الخطيب والمأمومين سراً؟ أم يدعو الإمام جهراً وهم يؤمنون؟ وإلى متى يدعون: هل إلى أن يسقيهم الله أم هناك مدة محددة؟ وإذا لم ينزل الله الأمطار هل يسن لهم أن يعيدوا الصلاة والخطبة في اليوم الثاني والثالث و...إلى أن يسقيهم؟ والله يشهد أننا بحاجة ماسّة إلى أجوبة هذه الأسئلة حتى تكون صلاتنا موافقة لسنة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تضمن سؤالك أسئلة كثيرة نجيب عليها بتوفيق الله واحدا واحدا فنقول :

أولا: أما عن الصيام للاستسقاء فقد ذهب الفقهاء إلى أنه مشروع.

 جاء في الموسوعة الفقهية : الصِّيَامُ قَبْل الاِسْتِسْقَاءِ :

10 - اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ عَلَى الصِّيَامِ ، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ ، وَالْخُرُوجِ بِهِ إِلَى الاِسْتِسْقَاءِ . لأَِنَّ الصِّيَامَ مَظِنَّةُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ : الصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ الشَّهْوَةِ ، وَحُضُورِ الْقَلْبِ ، وَالتَّذَلُّل لِلرَّبِّ. قَال الشَّافِعِيَّةُ ، وَالْحَنَفِيَّةُ ، وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ : يَأْمُرُهُمُ الإِْمَامُ بِصَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ قَبْل الْخُرُوجِ ، وَيَخْرُجُونَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَهُمْ صِيَامٌ , وَقَال بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِالْخُرُوجِ بَعْدَ الصِّيَامِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ مُفْطِرِينَ ؛ لِلتَّقَوِّي عَلَى الدُّعَاءِ ، كَيَوْمِ عَرَفَةَ وَقَال الْحَنَابِلَةُ بِالصِّيَامِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، وَيَخْرُجُونَ فِي آخِرِ أَيَّامِ صِيَامِهِمْ . اهـ .

ثانيا: نريد التنبيه إلى أن الاستسقاء يستحب فيه الخروج إلى الصحراء ويصح أن يكون في المسجد كما تقدم في الفتوى رقم: 72162.

وأما هل يخطب على المنبر أم على الأرض في مصلاه؟ فالسنة تدل على أنه يخطب على المنبر – على خلاف بين الفقهاء في استحباب ذلك أو كراهته – وذلك فيما رواه أبو داود من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُحُوطَ الْمَطَرِ فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ ... إلخ , قال في عون المعبود : ... فِيهِ اِسْتِحْبَاب الصُّعُود عَلَى الْمِنْبَر لِخُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاء .. اهـ .

ثالثا : وأما هل للاستسقاء خطبة أم خطبتان فقد تعددت أقوال الفقهاء في ذلك، فذهب المالكيّة والشّافعيّة ومحمّد بن الحسن إلى أنّهما خطبتان كخطبتي العيد ، لكن يستبدل بالتّكبير الاستغفار، وذهب الحنابلة وأبو يوسف إلى أنّها خطبة واحدة.

 قال في الروض المربع : ثم يخطب خطبة واحدة لأنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بأكثر منها .. اهـ. والأمر في هذا واسع إن شاء الله .

رابعا: وأما هل ترفع اليدان عند الدعاء ومن يرفعهما هل الإمام والمأمومون أم الإمام فقط , ومن الذي يدعو وإلى متى يدعو ؟ فجوابه أنه يشرع للإمام والمأمومين أن يرفعوا أيديهم عند الدعاء.

 قال ابن قدامة في المغني : فصل : ويستحب رفع الأيدي في دعاء الاستسقاء لما روى البخاري عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا الاستسقاء وأنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه. وفي حديث أيضا لأنس: فرفع النبي صلى الله عليه و سلم ورفع الناس أيديهم. اهـ

 والسنة أن يجعل ظاهر الكف إلى السماء وباطنها إلى الأرض، ويدل على هذه الصفة ما رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة ثَابِت عَنْ أَنَس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاء. وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث أَنَس أَيْضًا: كَانَ يَسْتَسْقِي هَكَذَا وَمَدَّ يَدَيْهِ - وَجَعَلَ بُطُونهمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْض - حَتَّى رَأَيْت بَيَاض إِبْطَيْهِ.

 قَالَ النَّوَوِيّ : قَالَ الْعُلَمَاء : السُّنَّة فِي كُلّ دُعَاء لِرَفْعِ الْبَلَاء أَنْ يَرْفَع يَدَيْهِ جَاعِلًا ظُهُور كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاء.

 وهذه تسمى الابتهال، وهي إحدى ثلاث صفات لرفع اليدين في الدعاء، وثانيها الإشارة – أي بالأصبع كما في خطبة الجمعة – وثالثها المسألة وهي بسط اليدين في الدعاء بالصفة المعروفة. والإمام هو الذي يدعو ويؤمن المصلون على دعائه.

قال في كشاف القناع : ... ويؤمنون على دعاء الإمام. اهـ

 ولم نقف على قول لأهل العلم في أمد الدعاء وظاهر أنه ليس محدودا كالدعاء في جميع المناسبات فلهم أن يدعوا ما شاءوا.

خامسا : وأما تحويل الرداء ومتى يحول وصفة التحويل ومن الذي يحول رداءه؟

 فقد جاء في الموسوعة الفقهية : ذهب الجمهور - المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، ومحمّد من الحنفيّة وهو المفتى به عندهم - إلى استحباب تحويل الرّداء في الاستسقاء ، ومعنى تحويل الرّداء: أن يجعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر ، وبالعكس  وذهب الشّافعيّة - على القول الجديد الصّحيح عندهم - إلى استحباب التّنكيس كذلك وهو أن يجعل أعلى الرّداء أسفله وبالعكس ، خلافاً للمالكيّة والحنابلة فإنّهم لا يقولون بالتّنكيس ومحلّ تحويل الرّداء عند التّوجّه إلى القبلة للدّعاء ، وهو عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة أثناء الخطبة وعند المالكيّة بعد الفراغ من الخطبتين. ودليل تحويل الرّداء من السّنّة: حديث عبد اللّه بن زيد رضي الله عنه « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي ، فتوجّه إلى القبلة يدعو وحوّل رداءه ، ثمّ صلّى ركعتين جهر فيهما بالقراءة » ....ويستحبّ تحويل الرّداء للإمام والمأمومين عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ... اهـ.

 وأما إلى متى يبقى الرداء محولا فقد ذكر الفقهاء أنه يبقى إلى وقت نزعه .

قال النووي في روضة الطالبين : ويتركونها محولة إلى أن ينزعوا الثياب .

سادسا: وأما هل تعاد الصلاة إذا لم يمطروا فجوابه نعم في قول جمهور أهل العلم.

 قال ابن قدامة في المغني :  ...  فإن سقوا وإلا عادوا في اليوم الثاني والثالث وبهذا قال مالك والشافعي وقال إسحاق : لا يخرجون إلا مرة واحدة ... اهـ

.