عنوان الفتوى : اصدق النية واعزم على التوبة يعينك الله تعالى

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

لا أدري إن كان هناك من البشر من يشبهني، فقد بحثت كثيراً ولم أجد, لن أطيل عليكم، فأنا رجل أبلغ من العمر 22 عاماً, أصبحت ـ بفضل من الله ـ أصلي وألتزم بصلاتي رغم أنني لا أصليها في المسجد إلا أنني ملتزم بها وأخشع فيها وأحبها, وأفعل ما يقدرني الله عليه من الأعمال الصالحة, لكن في ذات الوقت أفعل أموراً محرمة ـ مثل رؤية الأفلام الإباحية والاستماع إلى الأغاني و نشر الفساد, أملك موقعا إلكترونيا أقوم فيه بوضع صور النساء ـ صور مثيرة، لكنها ليست إباحية، مثل: صور المشاهير وبنات الغرب وما شابه ذلك ـ بقصد زيادة عدد الزوار وكسب المال وليس بقصد نشر الفساد بين الناس والله أعلم بنيتي, رغم أنني أعرف أن عملي هذا سيحصد لي السيئات، لكن لم أستطع التوقف, حاولت أكثر من مرة إلا أنني أرجع إلى نفس الفعل وبالعكس يكون أكبر من المرة السابقة, وأتساءل أحياناً ماذا لو مت على هذا الحال؟ فهل صلاتي ستذهب هباءً منثورا؟ وماذا عن أعمالي الصالحة التي أقوم بفعلها بين الحين والآخر؟ وهل ستشفع لي؟.وماذا ـ أيضاً ـ عن قول الله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا. وهل ما أفعله من الكبائر؟ وإن كان ليس من ضمنها فهل بهذه الآية سيغفر الله لي بدون عذاب أو حساب؟ وكيف أتوقف؟ خصوصا أن الموقع الذي أنشأته هو بقصد كسب المال! وهو يشتهر يوماً بعد يوم, وكلما كبر كبرت سيئاتي. ومشكلتي أنني أعرف وأقدر على اتخاذ القرار, لكن هناك شيء يمنعني.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المؤمن ـ مع إيمانه بالله واليوم الآخر وأدائه للصلوات، ومعرفته بأن المعصية تؤدي إلى غضب الله تعالى وعقابه ـ قد يقع منه الذنب وتبدر منه المعصية على حين غفلة عن ربه تعالى, وفي ساعة الشهوة والضعف البشري، ولكنه سرعان ما يستيقظ من غفلته ويتوب ويستغفر، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون* أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ. {آل عمران:135-136}، أما الانغماس في المعاصي والتمادي فيها والاصرار عليها فإنه سبب عظيم لسوء الخاتمة, نسأل الله تعالى أن يعافينا وإياك من ذلك, قال الله سبحانه: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. {النور:63}.    
وعلى من ابتلي بذلك أن يبادر إلى التوبة النصوح والاستغفار، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له, وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، وإذا مات العاصي مصرا على معاصيه, فذهب أهل السنة والجماعة أنه يدخل في مشيئة الله تعالى ـ إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه ورحمه- قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء. {النساء:48}، ولا يخلد في النار ما دام موحدا, وانظر الفتوى رقم: 14491

ومن أصر على نشر الفساد وجمع المال الحرام بذلك، فإنه على خطر عظيم ولا ينفعه في ذلك زعمه أنه لا يقصد نشر الفساد، ولتعلم ـ أخي الكريم ـ أنه لا صغيرة مع الإصرار, ولا كبيرة مع الاستغفار, والإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة، كما قال العلماء.

والواجب عليك هو المبادرة إلى التوبة والإقلاع عن الذنوب كلها ـ صغيرها وكبيرها ـ فإذا اتقيت الله تعالى وتبت إليه عوضك خيرا مما تركت لله وكفاك الدنيا، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. {الطلاق:2-3}، ولا يمنعك من ذلك إلا نفسك وعدم الإرادة الجازمة, فإذا صدقت نيتك وعزمت على التوبة، فإن الله تعالى سيعينك وييسر لك الخير.

والله أعلم.