عنوان الفتوى : لا وصية لوارث
أبي ـ أطال الله في عمره، لبعض الظروف ـ لا يستطيع أن يكتب شيئا باسمه ولا باسم الوالدة فنقل البيت الذي يملكه باسمي، لأنه لا يثق كثيرا في تصرفات أخي واشترى من زوجي بيتا ـ أصلا ـ هو باسمي، ليستثمره حاليا في الإيجار ويقول لأمي إن هذا البيت لي بعد عمرطويل واشترى لأخي بيتا ليسكن فيه مع زوجته وأولاده وقد قال لي مؤخرا هذا البيت بيت أخي يدخل ضمن الورثة العامة، لأن أخي لم يدفع فيه ولا ليرة وأكد لي هذا بالإضافة إلى سيارة أبي التي هي باسمي وأخشى بعد عمر طويل لأبي أن تحدث مشاكل بيني وبين أخي الوحيد فما الطريق الشرعية للقسمة في هذه الحالة؟ وهل على أبي أن يقول لأخي مثل ما يقول لي؟ وكيف أضمن حق الوالدة وليس باسمها أي شيء؟. وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمجرد كتابة الأب لشيء من ممتلكاته باسم أحد أبنائه أوزوجته أوغير ذلك لا تثبت به الملكية، سيما وأنك ذكرت أنه إنما كتب العقار باسمك لظروف تمنعه من ذلك، والصيغة التي ذكرها تفيد أنه سيوصي لك بالبيت الذي باسمك لعبارته ـ بعد عمر طويل ـ والوصية للوارث لاتصح مالم يجزها باقي الورثة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أحمد وغيره.
وبالتالي، فما ذكرته لايثبت الملكية لك على شيء من ممتلكات أبيك، وإذا أراد تمليكك في حياته فلابد أن يسوي بين أبنائه في العطية، لما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا ، فإنى لا أشهد على جور، وفي رواية لهما قال له أيضا: "فأرجعه". وفي رواية لمسلم : "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرد أبي تلك الصدقة". وفي رواية عند أحمد : إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم .
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون مسوغ شرعي أثم ووجب عليه مع التوبة أن يرد ما فضل به البعض أو يعطي الآخر مثله، وقيل العدل في العطية أن تكون على صورة الميراث فيعطى الذكر ضعف ما أعطى للأنثى، فإن لم يفعل ذلك فعلى من فضل أن يرد ما فضل به إلى إخوانه ليكونوا سواء في العطية، وليردوا ظلم أبيهم قال شيخ الإسلام: ولايحل للذي فضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به.
وعلى كل، فعلى الأب أن يعدل بين أبنائه ولا يخصص بعضهم دون بعض، إلا إذا كان هنالك مسوغ معتبر، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم ـ مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو أكثر عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى أو ينفقه فيها ـ فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى.
ومجرد كتابة الممتلكات باسم بعض الأبناء أوغيرهم لعارض يقتضي ذلك ونحوه لا تثبت به الملكية، إلا أن يصرح الأب بالعطية والتمليك، وقد ذكرنا وجوب العدل في ذلك بين الأبناء.
وأما كيف تضمنين حق الوالدة: فإذا كان يتعذر على والدك كتابة شيء من ماله باسمه، واضطر لكتابته باسم أخيك أو باسمك فيمكن كتابة ما يثبت أن هذه الكتابة مجرد حبر على ورق وإشهاد شهود على ذلك.
والله أعلم.