عنوان الفتوى : معتمد المالكية في الوقت الاختياري للعشاء
لماذا حدد المالكية وقت العشاء الاختيارى بثلث الليل والباقي ضروري إلى الفجر؟ أليس وقتها إلى منتصف الليل والمختلف فيه إلى الفجر أم إلى منتصف الليل فقط؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالخلاف في آخر وقت العشاء الاختياري مشهور معروف، ولم ينفرد المالكية بالقول بامتداده إلى ثلث الليل لا نصفه، بل وافقهم على ذلك كثير من العلماء، ولم يتفق المالكية على هذا القول بل ذهب بعضهم إلى امتداد وقت العشاء الاختياري إلى نصف الليل، ومنشأ خلاف العلماء هو اختلاف الأحاديث ففي بعضها التصريح بامتداد وقت العشاء إلى ثلث الليل وفي بعضها التصريح بامتداده إلى نصفه، والمعتمد عند المالكية هو أن وقت العشاء الاختياري يمتد إلى ثلث الليل واستدلوا على ذلك بالأحاديث المصرحة بذلك.
قال في الفواكه الدواني: قال خليل: وللعشاء من غروب حمرة الشفق للثلث الأول، والدليل على ذلك ما في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام كان يؤخر العشاء إلى ثلث الليل ويكره النوم قبلها. وحديث عائشة: كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل. وغير ذلك من الأحاديث. انتهى.
ولم يتفق المالكية على هذا القول، وأشار في مواهب الجليل إلى خلافهم بما عبارته: وقال في الطراز ولا تختلف الأمة أن وقتها الاختياري ممتد واختلف في منتهاه، فمشهور المذهب أنه إلى ثلث الليل كما جاء في حديث عمر وهذا قول مالك وابن القاسم وأشهب، وقال ابن حبيب وابن المواز إلى نصف الليل وقد وردت الأحاديث بما يدل لكل واحد من القولين. انتهى.
وليس هذا الخلاف عند المالكية وحدهم بل قال بقولهم كثير من العلماء كما بينا، والقولان في المسألة موجودان عند الشافعية والحنابلة كذلك، والمعتمد عندهم كالمعتمد عند المالكية، فالأحوط عدم تأخير العشاء عن ثلث الليل.
وبهذا يتضح لك أن الخلاف في آخر وقت العشاء الاختياري معروف، وليس القول بامتداده إلى ثلث الليل من مفردات المالكية ثم إنهم لم يتفقوا عليه، وأما الخلاف فيما بعد ثلث الليل أو نصفه فهو هل هو وقت ضرورة أو جواز، وليس الخلاف في ما إذا كان وقتا للعشاء أم لا؟ وقول من قال بأنها بعد نصف الليل تكون قضاءا قول غير ناهض، وقد أفتى الصحابة رضي الله عنهم في الحائض تطهر قبل الفجر بأنها تصلي المغرب والعشاء، فدل على امتداد وقت العشاء عندهم إلى طلوع الفجر وهو قول الجماهير.
والله أعلم.