عنوان الفتوى : بنوك الحبل السري في منظار الشرع وهل تنتشر الحرمة بنقل الدم
حفظ الحبل السري ودمائه بعد الولادة. ما مشروعيته بنوك الحبل السري؟ هل هنالك قيود؟ هل يمكن اعتبار المحظورات مثل الرضاعة على سبيل المثال (أخوان في الرضاعة) لأنه يتم نقل الخلايا كما في الرضاعة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل من المناسب أن نذكر أن أهل الاختصاص قد ذكروا أن الحبل السري تستخلص منه الخلايا الجذعية بعد الولادة، وهذه الخلايا المأخوذة منه تساهم في إعادة بناء خلايا الدم والجهاز المناعي للمرضى المصابين بأمراض الدم كاللوكيميا -سرطان الدم- والأنيميا، كما قد تستخدم في علاج أمراض الأعصاب، كالشلل الدماغي، والزهايمر، وغيرها من الأمراض، وهذه الخلايا لا تهاجَم من قبَل جهاز المناعة، وذلك لسرعة تطورها إلى حالة لا تحايزية.
ومن هنا جاءت فكرة إنشاء بنك الحبل السري للاحتفاظ به والاستفادة منه. وقد جاء هذا السؤال وهو عن حكم حفظ الحبل السري بهذه البنوك.
قال الشيخ إبراهيم الفيومي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية في مصر: إن المجمع وجد أن الوصول إلى إيجاد أنسجة وخلايا يتم تنميتها للاستفادة منها في العلاج البشري عن طريق أخذ خلايا جذعية لا مانع منه شرعاً، وهذا بناء على ما ذكره الأستاذ الدكتور إبراهيم بدران عضو المجمع، ووزير الصحة سابقاً .... وإن المجمع يتابع باهتمام كل ما هو جديد في هذا العلم الخطير، ويجد أن الاستنساخ العلاجي عن طريق زراعة الخلايا الجذعية يفتح باباً جديداً للعلاج يمكن أن يقلل من الاعتماد على زراعة الأعضاء من المتوفين، أو المتبرعين، ويعطي فرصة أكبر لمساعدة مرضى الأمراض المستعصية في الشفاء، خاصة مرضى الكبد، والكلى، والقلب..... وإنه لا مانع شرعاً من إنشاء بنك خاص لحفظ هذه الخلايا، ما دامت تستخدم في العلاج البشري. اهـ. وهذا فيما يتعلق بالشق الأول من السؤال.
وأما الشق الثاني فجوابه أن نقل هذه الخلايا لا تثبت به المحرمية، سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ عن رجل يريد الزواج من امرأة سبق أن نقل الطبيب لها من دمه كمية تقدر بخمسين وحدة قياسية أثناء مرضها، ويسأل هل تحل له، أم لا؟ والجواب: الحمد لله. نعم تحل له، لأن نقل الدم من رجل إلى امرأة أو بالعكس لا يسمى رضاعاً لا لغة ولا عرفاً ولا شرعاً، ولا تثبت له أحكام الرضاع من نشر الحرمة وثبوت المحرمية وغيرها، ولو قدر نشره الحرمة لاختص به تحريم الصغير، لقوله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ. {البقرة: 233}. وحديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل قاعد، فسألها عنه، فقالت هو أخي من الرضاعة فقال: انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة. متفق عليه. وعن أم سلمة مرفوعاً: لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام. رواه ابن عدي وغيره. والله أعلم. اهـ.
وورد سؤال إلى الأزهر ونصه: مرض ابن عمى واحتاج إلى نقل دم، فأعطيته من دمى، فهل يحرم عليه أن يتزوجني؟ فجاءت إجابة الشيخ عطية صقر التي قال فيها: تحريم الزواج يكون بسبب النسب أو الرضاعة أو المصاهرة، فبعد أن ذكرت الآية: 22 تحريم زوجة الأب، وذكرت الآية: 23 تحريم الأمهات وغيرها، وذكرت الآية: 24 تحريم المتزوجات، وكل ذلك من سورة النساء، جاء فى الآية الأخيرة قوله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ. {النساء: 24}. وفى الحديث النهى عن الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها.فليس من أسباب التحريم نقل الدم، ولا يجوز أن نقيسه على الرضاع، لأنه قياس مع الفارق، فالدم بذاته ليس مغذيا وإنما هو ناقل للغذاء، واللبن في أصله غذاء.
وحتى لو فرض أن الدم مثل اللبن فيشترط أن يكون نقل الدم في سن الحولين، أي في الصغر.
أما النقل بين من هم أكبر من سنتين فلا يضر أبدا، كالرضاع بعد الحولين، كما يعتبر عدد مرات نقل الدم، فلا بد أن تكون خمس مرات معلومات كما ذهب إليه الإمام الشافعي في الرضاع.
والخلاصة أن نقل الدم لا يحرِّم المصاهرة. اهـ.
والله أعلم