عنوان الفتوى : أثر الردة على النكاح قبل الدخول وبعده
هل المرتد إذا ارتد عن دين الإسلام و العياذ بالله ثم عاد إلي الإسلام قبل انتهاء فترة العدة ودون أن يعلم أحد بالأمر تصير زوجته حلالا له دون تجديد العقد ، وهل تنقص عدد طلقاته طلقة ، وهل إذا كان لم يدخل بزوجته وارتد والعياذ بالله تبين زوجته منه فورا دون اعتبار لعودته؟ وشكرا.
الحمد لله
أولا :
إذا صدر من الزوج ما يوجب الردة عن الإسلام ، كسب الله تعالى ، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو جحد ما علم من الدين بالضرورة ، فإن كان قبل الدخول بالزوجة : انفسخ النكاح في الحال .
قال ابن قدامة رحمه الله : "إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول , انفسخ النكاح , في قول عامة أهل العلم , إلا أنه حكي عن داود , أنه لا ينفسخ بالردة , لأن الأصل بقاء النكاح ، ولنا : قول الله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) وقال تعالى : (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) ولأنه اختلاف دين يمنع الإصابة [يعني : الجماع] , فأوجب فسخ النكاح , كما لو أسلمت تحت كافر" انتهى من "المغني" (7/133) .
وإن كانت الردة بعد الدخول ، فهل تقع الفرقة في الحال ، أم تتوقف الفرقة على انقضاء
العدة؟ ففيه خلاف بين الفقهاء.
فمذهب الشافعية والصحيح عند الحنابلة أنه إن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء عدة زوجته
فنكاحه باقٍ كما هو ، وإن انقضت العدة قبل رجوعه للإسلام وقعت الفرقة ، وليس له أن
يرجع إلى زوجته إلا بعقد جديد .
ومذهب الحنفية والمالكية أن الردة توجب الفرقة في الحال ، ولو كان ذلك بعد الدخول .
وينظر : "المغني" (7/133) ، "الموسوعة الفقهية" (22/198) ، "الإنصاف" (8/216) ،
"كشاف القناع" (5/121) ، "تحفة المحتاج" (7/328 ) ، "الفتاوى الهندية" (1/339) ،
"حاشية الدسوقي" (2/270) .
وبعض أهل العلم يرى أنه لو تاب بعد انقضاء العدة ، فله الرجوع إلى زوجته إن رضيت به
ولم تكن قد تزوجت من غيره .
وينظر : "فتاوى أركان الإسلام" للشيخ ابن عثيمين ص 279 ، وجواب السؤال رقم (21690)
.
قال
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والحاصل أن هذا الزوج الذي ترك الصلاة لا يخلو من
ثلاث حالات :
الحال الأولى : أن يكون ذلك قبل العقد فلا يصح العقد ولا تحل به الزوجة .
الحال الثانية : أن يكون بعد العقد وقبل الدخول أو الخلوة التي توجب العدة فهذا
ينفسخ النكاح بمجرد تركه للصلاة .
الحال الثالثة : أن يكون بعد الدخول أو الخلوة الموجبة للعدة فهذا يتوقف الأمر على
انقضاء العدة ، إن تاب وصلى قبل انقضائها فهي زوجته ، وإن لم يفعل فإذا انقضت العدة
فقد تبيّن فسخه منذ حصلت الردة والعياذ بالله ، وحينئذ إما أن لا يكون له رجعة
عليها وإما أن يكون له رجعة إذا أسلم وأحب ذلك على خلاف بين أهل العلم في هذه
المسألة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .
ثانيا :
الفسخ الواقع بسبب الردة ، لا يحسب من الطلاق ، عند جمهور الفقهاء .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (7/34) : " فإذا ارتد أحدهما وكان ذلك قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ولم يرث أحدهما الآخر .
وإن كان بعد الدخول : قال الشافعية - وهو رواية عند الحنابلة - حيل بينهما إلى انقضاء العدة , فإن رجع إلى الإسلام قبل أن تنقضي العدة فالعصمة باقية , وإن لم يرجع إلى الإسلام انفسخ النكاح بلا طلاق .
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف , وهو رواية عند الحنابلة : إن ارتداد أحد الزوجين فسخ عاجل بلا قضاء فلا ينقص عدد الطلاق , سواء أكان قبل الدخول أم بعده .
وقال المالكية , وهو قول محمد من الحنفية : إذا ارتد أحد الزوجين انفسخ النكاح بطلاق بائن " انتهى .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري |
---|
أثر الردة على النكاح قبل الدخول وبعده |