عنوان الفتوى : قول أهل السنة والجماعة في كلام الله تعالى

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قرأت كلاما لابن تيمية أن كلام الله لا أول له بمعنى أن كل كلام لله عز وجل قبله كلام إلى مالا نهاية. فهل هذا الكلام مجمع عليه عند أهل السنة؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي عليه أئمة السنة والحديث أن الله تعالى لم يزل موصوفاً أنه متكلم ويتكلم إذا شاء، فكلامه قديم النوع حادث الآحاد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَئِمَّتِهِمْ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ، وَالْقُرْآنُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ كَلَامُ اللَّهِ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَيْسَ بِبَائِنِ عَنْهُ مَخْلُوقًا. وَلَا يَقُولُونَ إنَّهُ صَارَ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا وَلَا أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ حَادِثٌ، بَلْ مَا زَالَ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ وَإِنْ كَانَ كَلَّمَ مُوسَى وَنَادَاهُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَكَلَامُهُ لَا يَنْفَدُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا. مجموع الفتاوى.

وأما القول بأن الله تكلم بعد أن لم يكن متكلما فهذا قول الكرامية وليس قول أهل السنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قَوْلُ الهشامية والكَرَّامِيَة وَمَنْ وَافَقَهُمْ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ حَادِثٌ قَائِمٌ بِذَاتِ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامِ، بَلْ مَا زَالَ عِنْدَهُمْ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ وَإِلَّا فَوُجُودُ الْكَلَامِ عِنْدَهُمْ فِي الْأَزَلِ مُمْتَنِعٌ، كَوُجُودِ الْأَفْعَالِ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ مَنْ وَافَقَهُمْ مَنْ أَهْلِ الْكَلَامِ كَالْمُعْتَزِلَةِ وَأَتْبَاعِهِمْ.

وقال رحمه الله: وَهَذَا بَاطِلٌ. وَهُوَ الَّذِي أَبْطَلَهُ السَّلَفُ بِأَنَّ مَا يَقُومُ بِهِ مِنْ نَوْعِ الْكَلَامِ وَالْإِرَادَةِ وَالْفِعْلِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ صِفَةَ كَمَالٍ أَوْ صِفَةَ نَقْصٍ فَإِنْ كَانَ كَمَالًا فَلَمْ يَزَلْ نَاقِصًا حَتَّى تُجَدِّدَ لَهُ ذَلِكَ الْكَمَالَ وَإِنْ كَانَ نَقْصًا فَقَدْ نَقَصَ بَعْدَ الْكَمَالِ.

فالفرق بين مذهب أهل السنة وبين مذهب الكرامية: أن الكرامية يقولون: إن الكلام كَانَ ممتنعاً عليه، أي: أنه لم يتكلم ولم يكن موصوفاً بكلام ولا بخلق ولا قدرة ولا إرادة ولا مشيئة ولا رزق، ثُمَّ تحولت من الامتناع الذاتي إِلَى الإمكان الذاتي فحدثت له قدرة وإرادة وكلام...

....فالفرق أن أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ لا يقولون إن الكلام كَانَ مستحيلاً عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تكلم! وإنما يقولون: إنَّ كلامَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قديمُ النوعِ حادثُ الآحاد أي: أن نوع الكلام قديم أو أزلي النوع، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يزل متكلماً متى شاء كيف شاء، ولكنه متجدد الآحاد أنزل التوراة، ثُمَّ أنزل الإنجيل، ثُمَّ أنزل القُرْآن وقولهم: ولكن نوع الكلام أزلي لا أول له.

أي: لم يكن الله عَزَّ وَجَلَّ في الأزل غير متكلم ثُمَّ ظهر وبدا له الكلام وتحول من الامتناع إِلَى الإمكان، كما تقول الكرامية. وقد سبق أن قلنا إن قولهم مندثر، فقد انقرضت هذه الفرقة...ا.هـ من شرح العقيدة الطحاوية للدكتور سفر الحوالي مع الحذف.

وانظر الفتوى رقم: 54133.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
يجازي الله الكافرين بخداعهم والاستهزاء والسخرية بهم مجازاة من جنس صنيعهم
حكم قول: صفات الله، تشبه الله
ما حكم من جهل اسمًا من أسماء الله الحسنى؟
معنى حب الله سبحانه وتعالى للعباد
كيف يكون القرآن كلام الله وهو مؤلف من الحروف المخلوقة؟
معنى: "نمرّ الصفات كما جاءت بلا كيف"
الإخبار عن الله تعالى بالشخص في حديث: (ولا شخص أغير من الله..)
يجازي الله الكافرين بخداعهم والاستهزاء والسخرية بهم مجازاة من جنس صنيعهم
حكم قول: صفات الله، تشبه الله
ما حكم من جهل اسمًا من أسماء الله الحسنى؟
معنى حب الله سبحانه وتعالى للعباد
كيف يكون القرآن كلام الله وهو مؤلف من الحروف المخلوقة؟
معنى: "نمرّ الصفات كما جاءت بلا كيف"
الإخبار عن الله تعالى بالشخص في حديث: (ولا شخص أغير من الله..)