عنوان الفتوى : رفض أبوها تزويجها من غير جنسيتها فعقد لها أخوها
فتاة باكستانية تعاني من أمراض نفسية ولا ترغب في الحياة وقد حاولت عدة مرات أن تنتحر وقد تقدم للزواج منها شاب مسلم عربي ولكن أبويها رفضا هذا الشاب لا لسبب إلا انه غير باكستاني ، هي تظن أنه الشخص المناسب لها وأنه سيعينها على تخطي المرض والشعور بطعم الحياة لذلك تزوجت به وكان وليها في ذلك أخوها . كردة فعل أرسل إليها أبواها رسالة عتاب في ذلك وهي الآن تسأل وتقول : هل ما فعلته خطأ ؟ وهل سيعاقبني الله على ذلك؟ وتبرر بقولها إنها خافت على نفسها أن تقع في الحرام مع هذا الشاب فكان أولى أن تصنع ما صنعته .
الحمد لله
أولاً :
الواجب على هذه الفتاة أن تتقي الله تعالى وتعلم أن الانتحار كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب ، وأن من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به في الآخرة ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (70363) .
والأمراض النفسية علاجها بالذكر والطاعة والإنابة ، ومراجعة المختصين .
ثانياً :
ينبغي لولي المرأة أن يسعى لتزويجها من الكفء الصالح ، استجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إِذَا خَطَبَ إِلَيكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فزوِّجُوه ، إِلَّا تَفْعلُوا تكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وليس للولي أن يمنع موليته من الزواج من الكفء الذي رضيت به ، لكونه من جنسية أخرى ، ما لم يكن هناك مانع معتبر يمنع من تزويجه ، وإلا كان عاضلا لها .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ، ورغب كل واحد منهما في صاحبه . قال معقل بن يسار : زوجت أختاً لي من رجل ، فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوجتك ، وأفرشتك ، وأكرمتك ، فطلقتها ثم جئت تخطبها ! لا والله لا تعود إليك أبداً . وكان رجلاً لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) فقلت : الآن أفعل يا رسول الله . قال : فزوجها إياه . رواه البخاري ...
فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلاً لها.
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلاً لها " انتهى من "المغني" (9/383) .
والعَضْل يوجب انتقال الولاية من الولي إلى من بعده من العصبة .
وعليه ؛ فإن كان هذا الخاطب كفؤاً ، وقد أبى الولي تزويجه ، فزوجه الأخ ، فالنكاح صحيح ، وعليها أن تبر أهلها وتحسن إليهم وتسعى لإرضائهم .
وأما إن كان الولي محقا في رفض الخاطب لوجود ما يمنع من تزويجه كفسقه وعدم صلاحه ، فليس لأحد من الأولياء أن يزوج بعده ، والنكاح لا يصح حينئذ عند جمهور الفقهاء ؛ لانعقاده بغير ولي ، ويلزم حينئذ إقناع الولي بتجديد عقد النكاح ، أو إعلان موافقته عليه .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (13929) .
والله أعلم .