عنوان الفتوى : كيف يتطهر ويصلي من يكثر منه خروج المذي والودي
لدي مشكلتان في الطهارة أرجو إفادتي فيهما: 1-أنا رجل مذاء وقد ينزل مني المذي لأمور طبيعية مثل المشي أو الركض، أو ارتفاع ضغط الدم أو أي مجهود عضلي آخر، وراجعت أقوال العلماء في ذلك فوجدتها قائمة على التشديد وإيقاع الإنسان في الحرج فجوابهم دائما يتمحور حول الاستنجاء واستخدام الحافظات أو مناديل كواقية وهي أمور غير عملية، بالإضافة إلى رش الماء مع أن قول رسولنا الكريم كان صريحا وواضحا في الاكتفاء من ذلك بالوضوء كما قال لسيدنا علي، وفي رواية أخرى بأن يرش شيئا من الماء. وأشار عليه الصلاة والسلام إلى المغزى من رش الماء وذلك لإذهاب الوسواس الذي قد يأتي للإنسان في الصلاة وليس إلى ما يذهب إليه العلماء فقد ضيقوا واسعا .2 - المسألة الثانية تتعلق بالودي والذي يخرج بعد التبول. فقد يخرج لدي بعد خمس أو عشر دقائق وقد لا أشعر بخروجه، وقد تزيد المدة على ذلك، وهنا أيضا أتعرض للحرج الشديد، فقد لا أتمكن من أداء الصلاة في وقتها، وخاصة في الأماكن العامة أو في المساجد، وحتى عندما أديت فريضة الحج فقد واجهت مشقة في ذلك ففي الحج الناس طوابير على دورات المياه، وقد تضضر إلى الانتظار نصف ساعة لدخول الحمام. فهل من اللائق أن أمكث ربع ساعة إضافية بعدها؟ وكلا المشكلتين تجعلاني أؤجل الصلاة في كثير من الأحيان، وخاصة عندما أكون في أماكن عامة وفي ازدحام على دورات المياه، فليس من المقبول البقاء في الحمام لمدة عشر دقائق إلى ربع ساعة والمصلون ينتظرونني للخروج من الحمام، وذلك للتأكد من نزول أو عدم نزول الودي، وفي بعض الأحيان أقوم بالصلاة منفردا وبشكل سريع دون الإخلال بأركان الصلاة في حدود الخمس دقائق الأولى، والتي أشرت إليها سابقا قبل نزول الودي. وأشير هنا إلى عدم وجود الوسواس بل هو واقع أعيشه. وفي الختام أشكركم على ما تقومون به من جهد مشكور في إجابة السائلين عن أمور دينهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يصح أن يقال إن أقوال الفقهاء قائمة على التشديد وإيقاع الإنسان في الحرج، وإن وجد شيء من ذلك في قول بعضهم فلا يصح أن يقال ذلك بإطلاق. وإذا اتفقت أقوال الفقهاء على قول واحد فهذا دليل على أن هذا هو حكم الشرع ولا عبرة برأي من يراه تشددا، وإذا لم يؤخذ بأقوال الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعية فبقول من نأخذ ؟
وأحاديث المذي جاء فيها الأمر بالوضوء وبغسل الذكر أو بنضحه، وهذا ليس من جعبة الفقهاء، بل هو قول خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام حيث قال في رواية: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ. وفي أخرى:يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ. وفي ثالثة: فِيهِ الْوُضُوءُ. وفي رابعة: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ. وفي خامسة: تَوَضَّأْ وَ انْضَحْ فَرْجَكَ. وكذا استخدام المناديل والحفاظات ليس تشددا بل أمر دلت عليه السنة، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم حمنة بنت جحش لما استحيضت حيضة كثيرة شديدة أمرها أن تتلجم وتتحفظ فهل هذا تشدد؟! كلا، لأن هذا في المقدور. والأمر بغسل الفرج ليس كما زعم السائل بأنه لإذهاب الوسوسة، وإنما لنجاسة المذي، وقد ذهب الجمهور إلى نجاسته للأمر بغسل الفرج منه.
وأما حديث سهل بن حنيف لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما يصيب ثوبه من المذي. فقال له: يَكْفِيكَ بِأَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهَا مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ. رواه أبو داوود. فهذا ليس لدفع الوسوسة بل الظاهر أنه لتطهير المحل لقوله: حيث ترى أنه أصابه.
وكذا الودي نجس وناقض للوضوء باتفاق فيلزم التطهر منه، ومن كان مصابا بمثل ما أنت مصاب به واحتاج إلى وقت لينقطع الخارج فإنه يجب عليه أن ينتظر ولا يصلي بنجاسته حتى وإن فاتت صلاة الجماعة، وهو غير مطالب بالجماعة حينئذ، وانظر الفتويين:115546، 51959. ومنهما تعلم أن كثيرا من الفقهاء يسروا على الناس وفق ضوابط الشرع ولم يتشددوا كما قلت .
والله أعلم.