عنوان الفتوى : من هم أهل الحديث ؟ وما هي صفاتهم ومميزاتهم ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

من هم أهل الحديث ؟.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله

كان مصطلح " أهل الحديث " ممثلاً للفرقة التي تعظم السنة وتقوم على نشرها ، وتعتقد عقيدة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وترجع في فهم دينها إلى الكتاب والسنة على فهم خير القرون دون ما يفعله غيرها من اعتقاد غير عقيدة السلف الصالح ومن الرجوع إلى العقل المجرد والذوق والرؤى والمنامات .

فكانت هذه الفرقة هي الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ، والتي ذكر كثير من الأئمة أنها المقصودة في قوله عليه الصلاة والسلام " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " رواه مسلم ( 1920 )

وقد جاء في أوصافهم الشيء الكثير من كلام الأئمة المتقدمين والمتأخرين ، ويمكن أن نختار منها ما يلي :

1. قال الحاكم :

أحسن الإمام أحمد بن حنبل في تفسير هذا الخبر أن الطائفة المنصورة التي يُرفع الخذلان عنهم إلى قيام الساعة هم " أصحاب الحديث " ، ومَن أحق بهذا التأويل من قومٍ سلكوا محجة الصالحين ، واتبعوا آثار السلف من الماضين ، ودمغوا أهل البدع والمخالفين بسنن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أجمعين . " معرفة علوم الحديث " للحاكم النيسابوري ( ص 2 ، 3 ) .

2. قال الخطيب البغدادي :

وقد جعل الله تعالى أهله - يعني : أهل الحديث - أركان الشريعة وهدم بهم كل بدعة شنيعة ، فهم أمناء الله من خليقته ، والواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمته ، والمجتهدون في حفظ ملته ، أنوارهم زاهرة ، وفضائلهم سائرة ، وآياتهم باهرة ، ومذاهبهم ظاهرة ، وحججهم قاهرة ، وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه أو تستحسن رأياً تعكف عليه سوى أصحاب الحديث فإن الكتاب عدتهم ، والسنَّة حجتهم ، والرسول فئتهم ، وإليه نسبتهم ، لا يعرجون على الأهواء ، ولا يلتفتون إلى الآراء ، يقبل منهم ما رووا عن الرسول ، وهم المأمونون عليه والعدول ، حفظة الدين وخزنته ، وأوعية العلم وحملته ، إذا اختلف في حديث كان إليهم الرجوع ، فما حكموا به فهو المقبول المسموع ، ومنهم كل عالم فقيه ، وإمام رفيع نبيه ، وزاهد في قبيلة ، ومخصوص بفضيلة ، وقارئ متقن ، وخطيب محسن ، وهم الجمهور العظيم ، وسبيلهم السبيل المستقيم ، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر ، وعلى الإفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر ، من كادهم قصمه الله ، ومن عاندهم خذله الله ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا يفلح من اعتزلهم ، المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير ، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير ، وإن الله على نصرهم لقدير .

" شرف أصحاب الحديث " ( ص 15 ) .

3. قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية " أهل الحديث والسنة " الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله ، وأعظمهم تمييزاً بين صحيحها وسقيمها ، وأئمتهم فقهاء فيها ، وأهل معرفة بمعانيها ، واتباعاً لها : تصديقاً وعملاً وحبّاً وموالاة لمن والاها ومعاداة لمن عاداها الذين يرون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة ، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول ، بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه ، وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله ، ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف ، فما كان من معانيها موافقاً للكتاب والسنَّة أثبتوه ، وما كان منها مخالفاً للكتاب والسنَّة أبطلوه ، ولا يتبعون الظن وما تهوى الانفس ؛ فإن اتباع الظن جهل واتباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم .

" مجموع الفتاوى " ( 3 / 347 ، 348 ) .

ومما ينبغي ذكره أن أهل الحديث يشمل كل من عمل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وقدمه على كل ما سواه ، سواء كان من العلماء الحفاظ أو من عامة المسلمين .

قال شيخ الإسلام :

( ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه أو كتابته أو روايته بل نعني بهم : كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه ظاهراً وباطناً واتباعه باطناً وظاهراً وكذلك أهل القرآن .

وأدنى خصلة في هؤلاء محبة القرآن والحديث ، والبحث عنهما وعن معانيهما والعمل بما علموه من موجًبهما .

مجموع الفتاوى 4 /95

وكلام الأئمة كثير ، ويمكنك الاستزادة منه في المراجع السابقة ، وكذا الجزء الرابع من " مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية " .

وانظر إجابة السؤال رقم ( 206 ) ، و ( 10554 ) .

والله أعلم  .