عنوان الفتوى : الاختلاف في ألفاظ بعض الروايات مع اتحاد السند سببه الرواية بالمعنى
هناك حديثان؛ أحدهما في مسلم والآخر في البخاري بنفس السند ويوجد اختلاف في المتن فذكر في مسلم الحديث رقم (4531 ) فيه بنص العبارة وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ. فَرَأَيْتُمَانِي كَاذِباً آثِماً غَادِراً خَائِناً، وَاللّه يَعْلَمُ إنِّي لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ.. واختلف في البخاري الحديث رقم (5231 ).تزعُمانِ أنَّ أبا بكر كذا وكذا، والله يعلمُ أنه فيها صادقٌ بارٌّ راشدٌ تابِعٌ للحقّ لماذ ذكر البخاري رحمه الله عبارة كذا كذا باختلاف عن مسلم رحمه الله مع أن السند واحد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما أشرت إليه جاء في سياق قصة طويلة عن خصومة علي وعباس- رضي الله عنهما- على أمير المؤمنين عمر- رضي الله عنه في شأن صدقة النبي- صلى الله عليه وسلم- وليس بحديث مرفوع وهي في الصحيحين وغيرهما بألفاظ متقاربة.
ففي صحيح مسلم يقول عمر مخاطبا لعلي وعباس: ... فقال أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نورث، ما تركنا صدقة، فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا؟ والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق.. ثم يقول لهما: وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا؟ والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق.. اهـ
وفى صحيح البخاري يقول عمر مخاطبا لهما.... وأقبل على علي وعباس تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق..
وكذا وكذا المذكورة في كلام عمر في البخاري هي كناية عن قوله : كاذبا آثما.. وهي من عبارة الرواة : الزهري أو غيره من الرواة فكانوا إذا حدثوا بهذه القصة تارة يصرحون وتارة يكنون.
قال الحافظ في الفتح.... الزهري كان يحدث به تارة فيصرح وتارة فيكنى وكذلك مالك. اهـ
والحاصل أن القصة لا خلاف في معناها، ولكن الألفاظ والعبارات ربما تختلف، فيعبر هذا الراوي بما لا يعبر به الآخر، وهذا لا إشكال فيه، ولا خلاف، فهو تنوع ناشئ عما يعرف بالرواية بالمعنى، وهذا النوع مما تسوغ فيه الرواية بالمعنى، وأكثر أهل العلم على جواز الرواية بالمعنى بضوابط ذكرناها في الفتوى: 70819 .
والله أعلم.