عنوان الفتوى : هل يوجد تلازم بين النكاح والغنى
أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما، موظف بوضع جيد بحمد الله، و لكن تنقصني الزوجة الصالحة، و هنا مشكلتي: أهلي عليهم ديون مثقلة-أسأل الله السداد- و أنا ملتزم مع أهلي في تسديد هذه الديون، و لكن في نفس الوقت أخشى على نفسي من الانحراف و خصوصا لما تلبسه الفتاة هذه الأيام من ملابس ضيقة و مغرية كما يعلم الجميع. فما هو فقه الأولويات أسد الديون عن أهلي وأؤجل زواجي مع أني لم أعد قادرا على التحمل؟ فبماذا تنصحوني ؟ واستفسار آخر: هل نصح الرسول صلى الله عليه و سلم شخصا يشكو الفقر بالزواج؟ و إن كان صحيحا هل يعتبر الدين فقرا وتنطبق حالته علي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجب عليك سداد دين أهلك سواء كان الدين على الوالدين أو كان على غيرهما، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 81076 . ولكن يستحب لك ذلك.
وعلى ذلك، فإن الواجب عليك أن تبادر إلى الزواج فإنه فرض عليك ما دمت تخشى الوقوع في المحظور.
قال ابن قدامة: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح ، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى .
ولا شك أن الفرض يجب تقديمه على غيره من الندب أو المستحب.
أما بخصوص الشق الثاني من السؤال, فلا علم لنا بحديث صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى, ولكن جاء في هذا حديث ضعيف رواه الحاكم والبزار موصولاً عن عائشة رضي الله عنها، ورواه أبو داود في مراسيله، وابن أبي شيبة مرسلاً عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تزوجوا النساء فإنهن يأتين بالمال. وهو حديث ضعيف، نص على ذلك الألباني في ضعيف الجامع.
وجاءت آثار عن صحابة رسول الله في هذا المعنى منها: ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح.
وذكر ابن كثير في تفسيره: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.
وهناك آثار أخر سبق الحديث عنها في الفتويين رقم: 7863, 120028.
أما بخصوص ما إذا كان الدين فقرا، فالجواب فيه تفصيل: فليس كل دين يصدق عليه أنه فقر, فمن كان غنيا موسرا وعليه دين يسير لا يعجزه سداده فليس بفقير, أما من كان عليه دين ولا يجد له سدادا، أو دين يذهب بجميع ماله أو لا يبقى له منه إلا القليل، فلا شك أنه فقير، ولذا جاز له أن يأخذ من الصدقات لسداد دينه.
جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: والمدين محتاج إلى قضاء دينه كحاجة الفقير أو أشد. انتهى .
أما بخصوص حالتك هذه، فلا يعد الدين في حقك فقرا لأنك لست بمدين أصلا.
والله أعلم.