عنوان الفتوى : الاستمناء هل يسوغ لمن عجز عن مؤونة النكاح
عمري 55 سنة، متزوج منذ 20 سنة، وبقيت متزوجا إلى سنتين وبعدها طلقت بسبب عدم قدرتي على الإنجاب، وإلى الآن لم أتزوج مع أني بحثت ورأيت كذا مرة، ولكن أرفض لهذا السبب، وللعلم فاني مصاب بقصور هرموني، ولأجلها أتعاطى الكورتيزون، وبسببه أصبت بهشاشة العظام، وذلك يتطلب إعطائي التستسترون، وعندما أتناوله تعظم الشهوة الجنسية لدي لأنه هرمون ذكري أيضا، لذلك أحس بالشهوة العارمة مع العلم أني لا أستطيع الزواج كما ذكرت آنفا، وبعض الأحيان ألجأ إلى الاستمناء باليد لإطفاء شهوتي، فما هو الحكم في ذلك مع أني لا أستطيع الزواج مادياً أيضا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الله تعالى من لا يستطيع الزواج بالاستعفاف، فقال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور: 33}. وأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يكبح جماح الشهوة، فقال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه.
فعلاج من عجز عن مؤنة النكاح أن يلجأ للصوم فإنه يقمع تلك الشهوة الجامحة بإذن الله، وينبغي التنبه إلى أن الصيام التام الذي يثمرالتقوى وهو الذي يتأدب صاحبه بآداب الصيام، فتصوم جوارحه كلها، وعليك للفائدة في هذا مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 11632، 26396، 25455.
وهناك بعض النصائح التي تعينك مع الصوم على الوصول لغايتك من كبح جماح الشهوة، من قبيل: الابتعاد عن أكل المأكولات المنشطة جنسيا، والمثيرات بأنواعها كنظر الحرام والتفكير فيه ومصاحبة أهله. وقد ذكر بعض العارفين بطب الأعشاب أن ابتلاع وزن درهم من الحناء يخفف من حدة الشهوة.
ثم إن الرياضة البدنية وإرهاق البدن في الخدمات الاجتماعية يستهلكان كثيرا من الطاقة. كما أن عمل برنامج يستغرق طاقتك التفكيرية ويشغل جل وقتك بالاهتمام كتحصيل علم نافع، وحفظ القرآن ونحو ذلك، أمر نافع لحالتك جدا. ومن الأفضل أن تتعاون في هذا البرنامج مع بعض الصالحين الناصحين حتى يكون ذلك حافزا لك على المتابعة والمنافسة.
ثم اعلم أخي الكريم أن مخافة الله ومراقبته والاستحياء منه هي التي تعصم العبد من الزلل، وتجعله يفوز برضوان الله وجنته، كما قال تعالى: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ {الرحمن: 46} وقال سبحانه: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى {النازعات40، 41} وهذا هو مقام الإحسان الذي سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. متفق عليه. والعاقل لا يمكن أن يسوِّيَ بين شهوة عاجلة منغصة، مع ما يعقبها من ألم البعد عن الله في الدنيا، وما يترتب عليها من حساب في الآخرة، وبين نعيم الجنة وعافية الدنيا وسعادتها.
فبادر أخي الكريم بالتوبة النصوح، وأتبع السيئة بالحسنة لتمحوها، فإن الحسنات يذهبن السيئات. واستعن بالله ولا تعجز، فإن الفضل كله بيد الله، والمعصوم من عصم الله، فاصدق الله يصدقك، واستعن به يعنك، وتوكل عليه يكفك. وأكثر من الصلاة وألح في الدعاء وأحسن الظن بربك.
فهذا هو الصراط المستقيم والطريق القويم لحل مشكلتك، وأما الاستمناء فضره أقرب من نفعه. وقد سبق لنا ذكر حرمته وبيان الوسائل المعينة على اجتنابه، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 22083، 12596، 101801، 5524. ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 9195، 34932.
والله أعلم.