عنوان الفتوى : " هاري بوتر " و " مفكرة الموت " فتنة الصغار والكبار ، كفر وإلحاد
انتشر في هذا الوقت ما يسمَّى بـ " هاري بوتر " ، وله روايات مجزأة على 8 أو 7 أجزاء ، وصورت بعضها أفلام ، تتحدث عن السحر ، شخصيّاً لم أطلع عليها ، ولم أر شيئاً منها ، ولكن سمعت عنها ، وعن انتشارها كثيراً ، وأيضاً هناك فيلم " مفكرة الموت " رأيت حلقة واحدة منه تحدث عن " إله الموت " أنه رمى بـ " مفكرة الموت " للبشر ، وأخذها شخص ، وقرأ على غلاف هذه المفكرة أنه إذا أراد أن يُميت أحداً : فإنه يكتب اسمه ، وطريقة موته ، ثم يموت خلال 30 ثانية ، أو أقل - لا أتذكر بالضبط - ، وتدور الأحداث كيف تعامل هذا الشخص مع هذه المفكرة . فما رأيكم في مثل هذه الأفلام ؟ وتبادلها بين الشباب ؟ وبعضهم يدعي بأنه لا يشتريها حتى لا يدعمهم ، ولكن يأخذها من زميله " يقرؤها ، أو يشاهدها ، ويرجعها له " ! هل هذا تصرف صحيح ؟ وكيف يمكن إقناعهم بخطورة مثل هذه الأفلام ؟ .
الحمد لله
أولاً :
سلبَت أفلام الرسوم المتحركة الحديثة عقول الصغار والكبار ! ،
وتحوَّل كثير منها إلى أفلام حقيقية بسبب فتنة الملايين بها ،
وتعلق قلوبهم بأحداثها وشخصياتها ، وقد احتوى كثير منها على
عقائد تخالف دين الإسلام ، وتشكك المسلمين – وخاصة الصغار منهم
– بالمسلَّمات والعقائد القطعية ، إضافة لما تبثه من مفاسد
سلوكية ، بما يظهر فيها من نساء متبرجات ، وقصص حب وغرام
.
ونأسف أن يتلقف المسلمون تلك الأفلام ليجعلوها في بيوتهم ،
ويمكنوا أطفالهم من تقضية أوقاتهم في مشاهدتها ، وليس عند من
يفعل ذلك أدنى اهتمام بما يمكن أن تؤثر به مثل هذه المشاهدات
على أولاده ذكورهم وإناثهم .
ثانياً :
مما فتن به العالَم في زماننا هذا قصص " هاري بوتر " الشهيرة ،
وهي سلسلة مكونة من سبعة كتب ، كتبتها كاتبة بريطانية تدعى " ج
. ك رولينج " ، وتدور القصة حول فتى يدعى " هاري بوتر " وُلد
لأبويْن ساحرين ، وقد قتلهما ساحر شرِّير ، وقد فشل هذا القاتل
في قتل ابنهما " هاري " ، وعندما بلغ هذا الفتى سن الحادية عشرة
اكتشف أنه ساحر ! ثم تبدأ سلسلة الأحداث القائمة على السحر
والشعوذة والخيالات ، وقد بيعت مئات الملايين من هذه القصة في
أرجاء الأرض ، وترجمت إلى حوالي 60 لغة ! ومن بينها اللغة
العربية ! ، وقد أنشئت منتديات ، وكتبت ألوف الصفحات في شبكات
الإنترنت ، تحلل القصة ، وتتوقع وقائعها ، وتناقش أحداثها ، بل
إن الموقع العربي المسمى باسم بطلها لا يكتب – كباقي المنتديات
– " اسم المستخدم " للدخول لموقعه ، بل يكتب " اسم الساحر " !
والله المستعان .
ثالثاًً :
وقد كتب الأستاذ خالد الروشة نقداً علميّاً متيناً لما احتوته
تلك القصص ، وذكر ما فيها من خروقات عقيدية وتربوية ، فقال
:
" وأحاول هنا بإيجاز أن أقف مع القارئ على بعض الخروق التربوية
التي تؤدي إليها مثل تلك القصة وما يتبعها :
1 - القصة تقدِّم نموذجاً للقدوة عند أبنائنا , هو الساحر
الشهير " هاري بوتر " , وهي هنا تهدم هذا الجدار الذي يبنيه
النموذج الإسلامي بين أبناء الإسلام وبين السحر والسحرة ,
ولطالما لجأ الغرب إلى اختراع الشخصيات الأسطورية ؛ لإلهاء
الأطفال ؛ ولملء الفراغ العميق بداخلهم , فاخترعوا لهم " سوبر
مان " و " بات مان " و " هرقل " ، وغيرهم من شخصيات يقدمونها
للأبناء على أنها تستطيع أن تغير العالم وتهدم الجبال ! وهذا
ولاشك في ذاته دليل على عجزهم عن تقديم نموذج واقعي جاد جدير
بجذب الأبناء وتعلقهم به والإقبال عليه .
2 - تقدِّم القصة السحر كمخلِّص من العقبات التي لا يمكن حلها ،
والأزمات التي لا يستطيع أحد السيطرة عليها ، وفي لحظة واحدة ،
وبكلمة سحرية : يستطيع الساحر أن يحل الأزمة ، ويتخطى العقبة ,
وهو – ولا شك - يولِّد لدى الأبناء خللاً عقائديّاً كبيراً , إذ
إنه يدعوهم نحو ما يدعو إليه دافعاً إياهم إلى نسيان من ينبغي
أن يلجئوا إليه في العقبات ، والأزمات , ونحن ليل نهار نعلم
أبناءنا ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ
إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ
الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) الأنعام/ 17 ، 18 , وهو المنصوص عليه في جميع
الديانات الصحيحة ، وعلى لسان جميع الأنبياء من لَعْن السحرة ،
والمشتغلين بالسحر , ولكن القصة تجعل أبناءنا يشتاقون للسحر ،
ويحبونه ، ويتمنى كل واحد منهم أن لو صار ساحراً !!
3 - الحياة الغربية هي حياة مركزها الإنسان ، ومحورها منفعته ،
ومكاسبه , والإسلام يعلِّمنا أن يكون مركز تفكيرنا في مرضات
الله سبحانه , فطاعة الله هي مركز حياتنا , ورضاه عز وجل هو
محور سعينا , وهذا ما ينبغي أن نعلمه أبناءنا من قوله تعالى (
قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الأنعام/ 162 , وفي تلك القصة الساقطة هم
يقدِّمون الشخصية التي تفعل كل المعجزات اعتماداً على قدراتها
السحرية ، وسعياً وراء مصلحة الأفراد , ولا يغتر أحد أنهم
يقدمونه محارباً للشر , فالخير لا يأتي عن طريق الشر أبداً ,
وما جعل دواء فيما حُرِّم !
قصة " بوتر " قائمة على شيء حرَمه الله في ديننا الحنيف ، ولعن
فاعله ، ذلك الشيء القبيح هو السحر , والمبدأ القرآني عندنا
يقول ( وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى )
طـه/ من الآية 69
.
4 - اعتمدتْ القصة على التخويف والفزع من تخيلات شيطانية لا
تطرأ إلا في عالم الجن ، والشياطين ، ومساكنهم في مجاري المياه
، والمراحيض ، وأماكن النجس - هكذا أوردت القصة - , والمزاج
السليم يرفض ذلك ، ويبعد بالأبناء عن تلك المجالات المفزعة ،
والقابضة لنفوس الأبناء ، والمجرئة لهم – في بعض الأحيان – على
عالم الشيطان , حتى يستسيغوا الحياة في ذلك العالم , فلا يجد
حينئذ عبَّاد الشيطان صعوبة في دعوتهم إلى السوء !
5 - قدَّمت القصةُ الساحرَ الأكبرَ على أنه بإمكانه أن يحي
ويميت ! فهو يميت الطائر كذا ، والحيوان كذا ، ثم يحييه في صورة
أفضل ، وشكل أحسن , كما تقدمه على أنه يشفي المرضى ، ويعالج
الجروح في لحظة واحدة ، وبكلمة سحرية واحدة , وهو خلل أي خلل في
التكوين النفسي والفكري لدى أبنائنا الذين يجب أن نعلمهم دوما
معنى قوله تعالى ( الَّذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِين . والَّذِي
هُوَ يُطْعِمُني وَيَسْقِين . وَإِذَا مَرِضت فَهُوَ يَشْفِين .
والَّذي يُمِيتُني ثُمَّ يُحْيين . والَّذي أَطْمَعُ أَنْ
يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين ) الشعراء/ 78 - 82 .
6 - لا يهم الغرب أن يتربى الابن وقلبه مملوء بمحبة الله سبحانه
والرغبة في عبادته , فهو يهتم بترفيهه وتقديم ما يبهره , ولذلك
دوماً نجد أبناءهم يشبُّون على المادية الجامدة ، وعلى النفعية
البالغة ، وعلى التقليل من شأن الروح ، وإعلاء المادة عليها ،
وعلى البعد الكبير عن شئون القلب ، وحقائق الكون , فقليل منهم
من ييمم وجهه نحو البحث عن الإيمان ، ولكنه يتربى على أن
الإيمان هو شيء زائد يتمثله ليشعره بالراحة النفسية في بعض
المواقف , وهذا يتنافى تماماً مع ما يأمرنا الإسلام بتربية
أبنائنا عليه ، حيث أوصانا أن نربِّي أبناءنا على حراسة القلب
بالإيمان ، وتعليقه بربه ، وانظر إلى نصيحة النبي صلى الله عليه
وسلم للغلام الصغير عبد الله بن عباس رضي الله عنه وهو يقول له
: ( احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ
تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا
اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ... ) أين الثرى من الثريا ،
وأين الظلمات من النور ؟!! " انتهى .
رابعاً :
قد حرمت الشريعة قراءة كتب السحر ، ولا يختلف حكم مشاهدة
الأفلام عن القراءة ، بل هو أشد إثماً ؛ لما فيه من تطبيق عملي
للأمور النظرية في الأفعال السحرية المحرمة ؛ ولما له من تأثير
بالغ على ذهن المشاهد ، وعلى حياته .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
أرجو من فضيلتكم أن تبينوا حرمة استعمال ، وقراءة كتب السحر
والتنجيم ، حيث إنها موجودة بكثرة ، وبعض زملائي يريدون شراءها
ويقولون : إنها إذا لم تستعمل فيما لا يضر فليس في ذلك حرمه .
نرجو الإفادة ، وفقكم الله .
فأجاب :
هذا الذي قاله السائل حق ، فيجب على المسلمين أن يحذروا كتب
السحر والتنجيم ، ويجب على من يجدها أن يتلفها ؛ لأنها تضر
المسلم ، وتوقعه في الشرك ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : (
من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد )
، والله يقول في كتابه العظيم عن الملَكين : ( وَمَا
يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ
فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ) البقرة/ 102 ، فدلَّ على أن تعلم السحر ،
والعمل به : كفر ، فيجب على أهل الإسلام أن يحاربوا الكتب التي
تعلِّم السحر والتنجيم ، وأن يتلفوها أينما كانت .
هذا هو الواجب ، ولا يجوز لطالب العلم ، ولا غيره ، أن يقرأها ،
أو يتعلم ما فيها ، وغير طالب العلم كذلك ، ليس له أن يقرأها ،
ولا أن يتعلم مما فيها ، ولا أن يقرَّها ؛ لأنها تفضي إلى الكفر
بالله ، فالواجب إتلافها أينما كانت ، وهكذا كل الكتب التي تعلم
السحر والتنجيم يجب إتلافها .
" فتاوى نور على الدرب " ( 1 / 148 ) طبعة
" دار الوطن " .
والخلاصة :
لا يحل لمسلم أن يشتري هذه القصة المسمى " هاري بوتر " لما
تحتويه من تعظيم للسحر ، والسحرة ؛ ولما فيها من عقائد تخالف
عقيدة الإسلام ، ومن باب أولى عدم جواز مشاهدة القصة مصورة في "
فيلم " لما لها من تأثير بالغ على عقيدة ، وسلوك مشاهديها ؛
ولما تحتويه من مشاهد منكرة ، وموسيقى محرمة .
خامساً :
الفيلم الكرتوني الآخر – وقد تحول إلى فيلم حقيقي – والمسمى "
مفكرة الموت " يحتوي على عقائد كفرية ، وملخص قصة الفيلم أن "
إله الموت " ! والمسمى " ريكو " يرمي بمفكرة سماها " مفكرة
الموت " إلى عالم البشر ! ، ويلتقطها بطل الفيلم " ياجامي " ،
ليعلم فيما بعد أنه يستطيع أن يميت من يشاء ! وذلك من خلال
كتابة اسم المراد موته فيها ، بشرط أن يكون على علم بصورته ،
كما يستطيع أن يتحكم في طريقة وفاته ! فإذا كتب طريقة الموت بعد
" 40 " ثانية من كتابة الاسم ، وكتب طريقة الموت : مات بما
يطابق كتابته ، وإن مرت المدة ولم يكتب طريقة موته : مات
بالنوبة القلبية ! فيبدأ بعدها التخلص من الأشرار ! بكتابة
أسمائهم في تلك المفكرة ليتم القضاء عليهم ، ويبدأ محقق في تتبع
أسباب وفاة أولئك ، في قصة تملؤها الخرافة ، والشرك ، والكفر ،
والإلحاد ، وفي كل مرة يقدَّم الكفر على أنه مخلص الأرض من الشر
! وهذا ما رأيناه قبل قليل في الساحر " هاري بوتر " وكذا ما
قدَّمته الرسوم المتحركة اليابانية من " ميكي ماوس " الإله
الفأر الذي ينقذ المظلومين ويقضي على الأشرار ، وها هم هنا
يأتون بشخص يسمونه " إله الموت " – " شينيغامي " – ليجعل له
وكيلاً من البشر ! يقضي على من يشاء بالموت .
ولا يشك موحد يعرف الإسلام أن مثل هذه القصص والرسوم المتحركة
والأفلام لا يحل نشرها ، ولا قراءتها ، ولا مشاهدتها ؛ لما فيها
من مخالفات واضحة لعقيدة التوحيد ؛ ولما لها من أثر سيء على
قارئها ومشاهدها .
ولمزيد فائدة : انظر أجوبة الأسئلة : ( 110352 ) و ( 71170 )
و ( 97444 ) و ( 111600 ) .
والله أعلم