عنوان الفتوى : كيفية التصرف مع ابن العم المصر على المعصية
لدي ولد عمي يكبرني بسنتين، وعندما أقدم إليهم ويوجد لديهم الشبكة المحلية المجانية، و جوالي يدخل الإنترنت مجانا، فيأخذ الجوال ويرى ما هو قبيح. وكنت معه، ولكن الحمد لله أني تبت ولا أعرف هل علي ذنب لأنه يأخذه وبعد ما ينتهي منه يرده، وأنه كل ما يرى يراودني قلبي لأرى فأبتعد، إلى أن رأيت أمس بسببه واحدا. فما الحل معه؟ هل أتشاجر معه أم ..... لا أعلم فأرجو إفادتي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه ينبغي لك السعي في هداية ابن عمك هذا أولاً، وإقناعه بضرورة الإقلاع عن جميع المعاصي والمحرمات، بما في ذلك مشاهدة هذه الصور القبيحة الفاجرة، وهذا انطلاقاً من واجب النصح لأهل الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وابذل له ما تستطيع من الوسائل في إقناعه، وأعطه أشرطة علمية ووعظية مفيدة مؤثرة، لعل الله يهديه على يديك، فيصيبك الثواب العظيم والأجر الكريم، ومع ذلك فإنه لا يجوز لك أن تعطيه جهازك الجوال إذا علمت أو غلب على ظنك أنه سيستعمله فيما لا يجوز... فإن أصر على غيه بعد النصح والتذكير مراراً وتكراراً، فلا تزره واهجره في الله، فإن الشريعة قد أمرت بهجر أهل العصيان المصرين على بغيهم وعصيانهم، خصوصاً عند الخوف من تأثيرهم على دين الشخص أو خلقه قال سبحانه: وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ {هود:113}، قال القرطبي: الصحيح في معنى الآية أنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم، فإن صحبتهم كفر أو معصية، إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة. انتهى.
وفي صحيح مسلم أن قريباً لعبد الله بن مغفل خذف فنهاه فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف، وقال: إنها لا تصيد صيداً ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين. قال: فعاد فقال: أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ثم عدت تخذف، لا أكلمك أبداً. قال النووي على حديث عبد الله بن مغفل: في هذا الحديث هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانه دائماً، والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائماً، وهذا الحديث مما يؤيده مع نظائر له كحديث كعب بن مالك وغيره. انتهى.
قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى. وقال ابن حجر في الفتح: ذهب الجمهور إلى أنه لا يسلم على المبتدع ولا الفاسق. انتهى.
والله أعلم.