عنوان الفتوى : رفض أبوها الخاطب الكفء وقبل غيره

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تقدّم لي أخ ذو خلق ودين ويشهد بذلك مجموعة من الثقات ، لكن رفضه والدي متعلّلا بكونه من مدينة أخرى ، وأنّ أهل مدينَتهم يجب الاحتراس منهم حسب رأيه . مع العلم أن والدي _ هداه الله _ معروف بنزعته القبليّة الواضحة . وقد قمنا بمحاولات لإقناعه عن طريق الأقارب لكنه رفض الإنصات لهم . وقد تقدّم لخطبتي في نفسي الفترة أشخاص يرتضيهم والدي لكنهم ليسوا بأكفاء لي من ناحية الدين والجميع قال لي نفس الشيء ، وحاولوا إقناعي بأنّ الزوجة يمكن أن تكون سبباً لهداية زوجها . وسؤالي هنا هو هل أكون آثمة إن حاولت التمسّك برأيي في الزواج من هذا الشخص ؟ مع العلم أن والدي أقسم أنه وإن وافق لن يكون راضياً عني ما دام حيّاً .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله
أولاً :
ينبغي لولي المرأة أن يسعى لتزويجها من الكفء الصالح الذي يحفظها ويحفظ أبناءها ، استجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
ولا يجوز للولي أن يمنع موليته من الزواج من الكفء الذي رضيت به .
قال الله تعالى : (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/232.
قال ابن قدامة رحمه الله : " ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك ، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار : زوجت أختا لي من رجل ، فطلقها ، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوجتك ، وأفرشتك ، وأكرمتك ، فطلقتها ثم جئت تخطبها ! لا والله لا تعود إليك أبداً . وكان رجلاً لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) فقلت : الآن أفعل يا رسول الله . قال : فزوجها إياه . رواه البخاري .
وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه ، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد ...
فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلاً لها .
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلاً لها " انتهى من "المغني" (9/383) .
وإذا ثبت امتناع وليها من تزويجها من كفء رضيت به ، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من العصبة ، فإن أبوا جميعا أن يزوجوها رفعت أمرها للقاضي ليزوجها .
لكن لا ينبغي للمرأة أن تقدم على ذلك إلا بعد النظر فيما يترتب على ذلك من المفاسد ، فقد يؤدي ذلك إلى القطيعة بينها وبين أبيها وأقاربها ، مع احتمال أن يقبل أبوها كفئا آخر يتقدم لها.
وينبغي أن تعالج هذه القضية بالحوار والتفاهم والمناصحة والاستعانة بذوي الرأي من الأهل والأقارب ، فقد يكون الأب محقا في رفضه ، وقد يكون مخطئا ، وينبغي الحرص على بر الأب وطاعته وإرضائه ما أمكن ، إلا أن يصر على تزويجك من غير الكفء .
وأما الزواج ممن لا يُرضى دينه وخلقه ، على أمل أن تحصل له الهداية والاستقامة بعد الزواج ، فهذا أمر محفوف بالمخاطر ، فقد يحصل التغير وقد لا يحصل ، فلا تنبغي المجازفة والمخاطرة ، بل اسعي في إقناع والدك بالزواج من صاحب الخلق والدين ، واصبري فلعله يتقدم لك من ترضَينه ويرضاه والدك ، واستعيني بالدعاء ، واعتصمي بالاستخارة ، وأكثري من الصالحات ، فإن الزوج الصالح رزقٌ ينال بالطاعة ، كما تنال سائر الأرزاق النافعة ، قال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 .
نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة ، وأن يوفق والدك وأهلك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .

 

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...