عنوان الفتوى : حكم دفع الصائل على النفس أو العرض أو المال
ما حكم أن يطلق الشرطي النار في حال تعرض حياته وسلاحه للخطر والضياع.. مع العلم بأن هذا الشرطي على درجة عالية من الإيمان بالله وأنه يخاف أن يقتل فيخلد في النار، ولكن تتعرض حياته للخطر من أناس قد تؤول إلى خطفه أو إطلاق النار عليه، وأيضا ما الحكم حين تتهدد بأنك محاصر وتدعى إلي تسليم سلاحك ومعك ذخيرة لتقاتل.. فهل تقاتل وتطلق النار دفاعا عن روحك وعن سلاحك أم تسلم نفسك فيؤخذ سلاحك ولا تعلم أتعدم أم يطلق سراحك؟ ملاحظة: المكان فلسطين، فأرجو إفادتي بكل مفيد حول هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيشرع للمسلم دفع من يصول على نفسه أو ماله أو عرضه، ويدفع بالأخف فالأخف، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 112762.
وقد اختلف الفقهاء في حكم دفع الصائل على النفس وما دونها، فذهب الحنفية -وهو الأصح عند المالكية- إلى وجوب دفع الصائل على النفس وما دونها، ولا فرق بين أن يكون الصائل كافراً أو مسلماً، عاقلاً أو مجنوناً، بالغاً أو صغيراً، معصوم الدم أو غير معصوم الدم، آدمياً أو غيره.
واستدل أصحاب هذا الرأي بقوله تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ، فالاستسلام للصائل إلقاء بالنفس للتهلكة، لذا كان الدفاع عنها واجباً، ولقوله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون دمه فهو شهيد. متفق عليه.. وقوله صلى الله عليه وسلم: من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين -يريد قتله- فقد وجب دمه. رواه أحمد.
ولأنه كما يحرم على المصول عليه قتل نفسه، ويحرم عليه إباحة قتلها ولأنه قدر على إحياء نفسه فوجب عليه فعل ذلك، كالمضطر لأكل الميتة ونحوها، وذهب الشافعية إلى أنه إن كان الصائل كافراً، والمصول عليه مسلماً وجب الدفاع سواء كان هذا الكافر معصوم الدم أو غير معصوم إذ غير معصوم الدم لا حرمة له، والمعصوم بطلت حرمته بصياله، ولأن الاستسلام للكافر ذل في الدين وفي حكمه كل مهدور الدم من المسلمين كالزاني المحصن، ومن تحتم قتله في قطع الطريق ونحو ذلك من الجنايات... أما إن كان الصائل مسلماً غير مهدور الدم فلا يجب دفعه في الأظهر، بل يجوز الاستسلام له كما يجوز دفعه، سواء كان الصائل صبياً أو مجنوناً، وسواء أمكن دفعه بغير قتله أو لم يمكن، بل قال بعضهم: يسن الاستسلام له لقوله صلى الله عليه وسلم: كن كابن آدم. يعني هابيل. رواه أحمد والترمذي.
ولما ورد عن الأحنف بن قيس قال: خرجت بسلاحي ليالي الفتنة، فاستقبلني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار. قيل: فهذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه أراد قتل صاحبه. رواه البخاري، ولأن عثمان رضي الله عنه ترك القتال مع إمكانه ومع علمه بأنهم يريدون نفسه ومنع حراسه من الدفاع عنه -وكانوا أربعمائة يوم الدار- وقال: من ألقى سلاحه فهو حر، واشتهر ذلك في الصحابة رضي الله عنهم فلم ينكر عليه أحد. انتهى بتصرف من الموسوعة الفقهية الكويتية، ولعل ما ذهب إليه الشافعية من التفصيل أقرب إلى الصواب.
والله أعلم.