عنوان الفتوى : هل الصلوات الخمس مذكورة في القرآن؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قال تعالى: (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون) الروم. الآيات هنا ذكرت أربع صلوات فقط، مع أن المسلمين يؤدون خمس صلوات "زائداً السنة" فلماذا لم تذكر الصلاة الخامسة؟ أنا مسلم جاد في السؤال ولا أحاول إطلاقا تخطئة القرآن.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

جاء في تفسير هذه الآية، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: الصلوات الخمس في القرآن، فقيل له: أين ؟ فقال: قال الله تعالى: فسبحان الله حين تمسون صلاة المغرب والعشاء، وحين تصبحون صلاة الفجر، وعشياً العصر، وحين تُظهرون الظهر. وقاله من المفسرين أيضاً الضحاك وسعيد بن جبير.

وقال بعضهم بل الآية فيها ذكر أربع صلوات، أما العشاء فلم تذكر في الآية، وإنما ذكرت في سورة هود آية 114 وهي قوله تعالى: وزُلفاً من الليل.

وأكثر المفسرين على القول الأول، قال النحاس رحمه الله: "أهل التفسير على أن هذه الآية:فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون … في الصلوات.

وقال الإمام الجصاص رحمه الله تعالى: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا . رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ لِلصَّلاةِ وَقْتًا كَوَقْتِ الْحَجِّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطِيَّةَ: "مَفْرُوضًا"... وَقَوْلُهُ:  مَوْقُوتًا  مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَأَجْمَلَ ذِكْرَ الأَوْقَاتِ فِي هَذِهِ الآيَةِ وَبَيَّنَهَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْ الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ تَحْدِيدِ أَوَائِلِهَا وَأَوَاخِرِهَا، وَبَيَّنَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْدِيدَهَا وَمَقَادِيرَهَا. فَمِمَّا ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلاةِ قَوْلَهُ: أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ذَكَرَ مُجَاهِدٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لِدُلُوكِ الشَّمْسِ قَالَ: "إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ لِصَلاةِ الظُّهْرِ" إلَى غَسَقِ اللَّيْلِ قَالَ: "بُدُوُّ اللَّيْلِ لِصَلاةِ الْمَغْرِبِ". وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي دُلُوكِهَا أَنَّهُ زَوَالُهَا... وَقَالَ تَعَالَى: وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ، رَوَى عَمْرٌو عَنْ الْحَسَنِ فِي قوله تعالى: طَرَفَيْ النَّهَارِ قَالَ: "صَلاةُ الْفَجْرِ، وَالأُخْرَى (أي الطرف الآخر) الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ"وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ قَالَ: "الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ". فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَدْ انْتَظَمَتْ الآيَةُ الصَّلَوَاتِ  الْخَمْسَ... وَرَوَى لَيْثٌ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "جَمَعَتْ هَذِهِ الآيَةُ مَوَاقِيتَ الصَّلاةِ: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ الْفَجْرَ وَعَشِيًّا الْعَصْرَ وَحِينَ تُظْهِرُونَ الظُّهْرَ ". وَعَنْ الْحَسَنِ مِثْلُهُ. وَرَوَى أَبُو رَزِينٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:  وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ  قَالَ: "الصَّلاةُ الْمَكْتُوبَةُ" وَقَالَ:  وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى. وَهَذِهِ الآيَةُ مُنْتَظِمَةٌ لأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ أَيْضًا. فَهَذِهِ الآيَاتُ كُلُّهَا فِيهَا ذِكْرُ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ.. انتهى: أحكام القرآن للجصاص باب مواقيت الصلاة.
ومما ينبغي أن تعلمه أيها الأخ المسلم أنّ القرآن لم يشتمل على تفصيل جميع الأحكام وإنما ذُكرت فيه أحكام كثيرة بالإضافة إلى ذكر حجيّة السنّة التي وردت فيها أحكام تفصيلية كثيرة لم تُذكر في القرآن، قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) سورة النحل، وقال تعالى: وَمَاءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ سورة الحشر 7 وقال النبي صلى الله عليه وسلم .. أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ..  رواه الإمام أحمد 16546 وهو حديث صحيح، فسواء وردت الأحكام في القرآن أو في السنّة فالكلّ حقّ والكلّ صحيح والمصدر واحد وهو الوحي من رب العالمين.

والله أعلم.