عنوان الفتوى : أقسام الشروط في عقد النكاح

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شاب خاطب ومقبل على الزواج وسمعت أن للزوجة عند العقد أن تشترط شرطاً في العقد . وسؤالي : ما حدود هذا الشرط ؟ وماذا يحدث إذا حدث إخلال بهذا الشرط ؟ وهل من الممكن أن تعطي الزوجة نفسها الحق في الطلاق إذا أخليت بهذا الشرط ؟ وهل من الممكن أن يكون الشرط مثلاً ألا أتزوج عليها ؟ وفي حالة زواجي تكون هي طالق مني .. أرجو الإفادة بالشرح المفصل لهذا الأمر وجزاكم الله خيراً .

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله

الأصل فيما يشترطه الزوجان في عقد النكاح أنه شرط صحيح يجب الوفاء به ، ولا يجوز الإخلال به ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) رواه البخاري (2721) ومسلم (1418) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"الأصل في الشروط في العقود : الصحة ، حتى يقوم دليل على المنع ، والدليل على هذا عموم الأدلة على الوفاء بالعقد : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1 ، (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) الإسراء/34 ، وكذلك الحديث الذي روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم : (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ) رواه البخاري (2155) ومسلم (1504) .

فالحاصل : أن الأصل في الشروط : الحل والصحة ، سواء في النكاح ، أو في البيع ، أو في الإجارة ، أو في الرهن ، أو في الوقف . وحكم الشروط المشروطة في العقود إذا كانت صحيحة أنه يجب الوفاء بها ، لعموم قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1" انتهى .

"الشرح الممتع" (5/241) من الطبعة المصرية .

وانظر أمثلة ذلك في جواب السؤال رقم : (20757) ، (10343) .

أما اشتراط المرأة ألا يتزوج عليها : فالذي ذهب إليه المحققون من أهل العلم جواز هذا الشرط ، فإذا أخل به الزوج كان للزوجة الحق في فسخ النكاح ، وأخذ حقوقها كاملة .

قال ابن قدامة رحمه الله : إذا اشترط  لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها أو لا يتزوج عليها فهذا يلزمه الوفاء به ، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح ، روى هذا عن عمر وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاص رضي الله عنهم" انتهى باختصار .

"المغني" (9/483) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"إذا اشترطت أن لا يتزوج عليها فإن هذا يجوز . وقال بعض العلماء : إنه لا يجوز ؛ لأنه حجر على الزوج فيما أباح الله له ، فهو مخالف للقرآن : (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) النساء/3 ، فيقال في الجواب على ذلك : هي لها غرض في عدم زواجه ، ولم تعتد على أحد ، والزوج هو الذي أسقط حقه ، فإذا كان له الحق في أن يتزوج أكثر من واحدة أسقطه ، فما المانع من صحة هذا الشرط ؟!

ولهذا ؛ فالصحيح في هذه المسألة ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله من أن ذلك الشرط صحيح" انتهى .

"الشرح الممتع" (5/243) .

وينبغي أن يُعلم أن الزوج إذا أخل بهذا الشرط لم تطلق زوجته بمجرد ذلك ، بل يثبت لها الحق في فسخ النكاح ، فإما أن تفسخ وإما أن تتنازل عن الشرط وترضى بما فعل الزوج ، وتبقى زوجة له .

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

"من الشروط الصحيحة في النكاح : إذا شرطت عليه أن لا يتسرى ، أو لا يتزوج عليها ، فإن وفّى ، وإلا فلها الفسخ ؛ لحديث : (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) وكذا لو شرطت أن لا يفرق بينها وبين أولادها أو أبويها ؛ صح هذا الشرط ، فإن خالفه ؛ فلها الفسخ . ولو اشترطت زيادة في مهرها ، أو كونه من نقد معين ؛ صح الشرط ، وكان لازما ، ويجب عليه الوفاء به ، ولها الفسخ بعدمه ، وخيارها في ذلك على التراخي ، فتفسخ متى شاءت ؛ ما لم يوجد منها ما يدل على رضاها مع علمها بمخالفته لما شرطته عليه ؛ فحينئذ يسقط خيارها .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للذي قضى عليه بلزوم ما شرطته عليه زوجته فقال الرجل  إذاً يطلقننا . فقال عمر : مقاطع الحقوق عند الشروط . ولحديث : (الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطهمْ) قال العلامة ابن القيم : "يجب الوفاء بهذه الشروط التي هي أحق أن يوفيها ، وهو مقتضى الشرع والعقل والقياس الصحيح ؛ فإن المرأة لم ترض ببذل بضعها للزوج إلا على هذا الشرط ، ولو لم يجب الوفاء به ؛ لم يكن العقد عن تراض ، وكان إلزاماً بما لم يلزمها الله به ورسوله" انتهى .

"الملخص الفقهي" (2/345 ، 346) .

والله أعلم