عنوان الفتوى : حديث "سجود الشمس تحت العرش" جاء من طرق عدة
شيخي الجليل... لدي رأي حول حديث سجود الشمس في صحيح البخاري، لا أرى إن كان من الممكن أن يكون صائباً، فأرجو تبيان رأيكم في رأيي... بداية فبالرغم من محاولة تفسير الحديث إلا أني ما زلت أرى تفسيره غير مقنع، ولأجل هذا فهنالك نقطتان أود إبداء الرأي فيهما من الممكن أن يفسر الموضوع بشكل منطقي أكثرأولاً: إن كان الحديث قد جاء من طريق واحد، أليس من المعقول أن لا تكون صيغته قد وردت حرفياً كما هو منصوص عليه في الصحيح؟ أعني ربما قد تصرف الصحابي الجليل أو أحد الرواة في نصه على حسب فهمه له فوصلنا مغيراً نوعاً ما بالحرفية خصوصاً وأننا نرى كثيراً من الأحاديث الصحيحة التي وردت بطرق مختلفة، لا تأتي بنفس الحرفية، مما يدل أن الحرفية ليست نفسها التي نطق بها صلى الله عليه وسلم، وبالتالي احتمال الخطأ في الطريق الواحد وارد وإن كان ضعيفاً، لأنه متعلق ببشر مهما كانوا ثقاتا خصوصاً وأن الأمر فيه ما يتعلق بمسألة علمية لا يدرك الناس في ذلك الزمان أبعادها على الإطلاق فمن الممكن أن يشكل الأمر عليهم وإن كانوا عدولا ثقاتا، فالأمر ليس مجرد توصية ما، أو نهي عن أمر ما، وما إلى ذلك من الأمور التي يندر الخطأ بها عند الثقات لوضوحها ونباهتهم... فسؤالي هنا: أليس من الممكن ولو باحتمال ضعيف أن يكون الحديث قد وصلنا بصيغة مختلفة عن أصله الذي قاله صلى الله عليه وسلم، وأنه لو وصلنا أصله حرفياً بالتحديد لكان الحديث ظاهراً ولما أشكل الأمر علينا أبداً؟!! يعني ربما حرف جر واحد يغير الأمر، أليس كذلك؟!!ثانياً: لقد علمت أن هنالك حديث في صحيح مسلم عن خلق السماوات والأرض في سبعة أيام قد ضعفه العلماء لتعارضه مع صريح القرآن، إذن ثمت حديث في صحيح مسلم قد تم تضعيفه، فلماذا لا يمكن أيضاً أن يضعف حديث سجود الشمس في صحيح البخاري بالصيغة التي ورد فيها؟ أرجو تبيين الرأي مع احتمال الصحة، يعني فيما إذا كان رأي يحتمل الصحة بنسبة ضعيفة أم كبيرة أم أنه لا يحتمل الصحة أبداً؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأحاديث إذا صحت روايتها فإنها تقبل عند المحدثين ولو كانت آحاداً، والمحدثون هم أهل الاختصاص في هذا الفن، فقواعدهم التي وضعوها في قبول ورد الأحاديث هي المرجع، وقد اتفقوا على قبول حديث الآحاد إذا صح، وعلى صحة ما في البخاري، وهذا الحديث رواه البخاري والأصبهاني في المسند المستخرج على مسلم وأبو عوانة في مسنده، ورووه بعدة أسانيد عن أبي ذر ولم يختلفوا في إثبات سجود الشمس تحت العرش.
وبناء عليه.. فإنه لا يقبل رد ما صح بدعوى مخالفته للعقل، بل ينبغي أن تتهم العقول التي لم تفهم بالقصور، فقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن ما صح نقلاً لا يخالف العقول السليمة، وراجع في بيان معنى الحديث وعدم مخالفته للعقل، وللمزيد فيما تقدم الفتاوى ذات الأرقام التالية: 99520، 26538، 6956، 61100، 13678.
والله أعلم.