عنوان الفتوى : نبذة عن عبد الرحمن بن رستم ويوسف بن تاشفين
من هو عبد الرحمن بن رستم وكذلك من هو يوسف بن تاشفين؟ بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ابن رستم هو عبد الرحمن بن رستم المتوفى (171هـ -000- 787م) وهو مؤسس مدينة تاهرت (بالجزائر) وأول من ملك من (الرستميين) وكان من فقهاء الإباضية بإفريقية، معروفاً بالزهد والتواضع، وله كتاب في (التفسير) ولما تغلب أبو الخطاب على أفريقية استخلفه على القيروان، وزحف ابن الأشعث ودخل القيروان وقتل أبا الخطاب سنة 144هـ، ففر عبد الرحمن بأهله وما خلف من ماله إلى الغرب ولحقت به جماعات من الإباضية، فنزل بموضع (تاهرت) وكان غيضة بين ثلاثة أنهار، وفيها آثار عمران قديم، فبنى أصحابه فيها مسجداً من أربع بلاطات وبنوا مساكنهم (سنة 161هـ) وبايعوه بالإمامة، فأقام إلى أن توفي، وهو فارسي الأصل، كان جده بهرام من موالي عثمان بن عفان.
وأما يوسف بن تاشفين فهو أمير المرابطين وهو الذي بنى مراكش وصيرها دار ملكه، وهو الذي أخر الله به احتلال الصليبيين للأندلس مدة أربعة قرون، وقد قال فيه ابن الأثير في الكامل في التاريخ: كان يوسف رجلاً ديناً، خيراً حازماً داهية مجرباً، ولما توفي أبو بكر بن عمر بالصحراء اجتمعت طوائف المرابطين على يوسف بن تاشفين وملكوه عليهم، ولقبوه أمير المسلمين، وكانت الدولة في بلاد المغرب لزناتة الذين ثاروا في أيام الفتن، وهي دولة ردية، مذمومة، سيئة السيرة، لا سياسة ولا ديانة، وكان أمير المسلمين وطائفته على نهج السنة، واتباع الشريعة فاستغاث به أهل المغرب، فسار إليها وافتتحها حصناً حصناً وبلداً بلداً بأيسر سعي فأحبه الرعايا، وصلحت أحوالهم.
ثم إنه قصد موضع مدينة مراكش وهو قاع صفصف لا عمارة فيه، وهو موضع متوسط في بلاد المغرب كالقيروان في إفريقية، ومراكش تحت جبال المصامدة الذين هم أشد أهل المغرب قوة، وآمنهم معقلاً، فاختط هناك مدينة مراكش ليقوى على قمع أهل تلك الجبال إن هموا بفتنة، واتخذها مقراً فلم يتحرك أحد بفتنة... وخرجت جماعة قبيلة لمتونة وغيرهم، وضيقوا حينئذ لثامهم، وكانوا قبل أن يملكوا يتلثمون في الصحراء من الحر والبرد كما يفعل العرب، والغالب على ألوانهم السمرة، فلما ملكوا البلاد ضيقوا اللثام.
وقيل كان سبب اللثام لهم أن طائفة من لمتونة خرجوا مغيرين على عدو لهم، فخالفهم العدو إلى بيوتهم، ولم يكن بها إلا المشايخ والصبيان والنساء فلما تحقق المشايخ أنه العدو أمروا النساء أن يلبسن ثياب الرجال، ويتلثمن ويضيقنه حتى لا يعرفن، ويلبسن السلاح، ففعلن ذلك وتقدم المشايخ والصبيان أمامهن، واستدار النساء بالبيوت، فلما أشرف العدو رأى جمعاً عظيماً فظنه رجالاً فقال: هؤلاء عند حرمهم يقاتلون عنهن قتال الموت، والرأي أن نسوق النعم ونمضي، فإن اتبعونا قاتلناهم خارجاً عن حريمهم.
فبينما هم في جمع النعم من المراعي إذ قد أقبل رجال الحي، فبقي العدو بينهم وبين النساء، فقتلوا من العدو فأكثروا، وكان من قتل النساء أكثر، فمن ذلك الوقت جعلوا اللثام سنة يلازمونه، فلا يعرف الشيخ من الشاب، فلا يزيلونه ليلاً ولا نهاراً، ومما قيل في اللثام:
قوم لهم درك العلى في حمير * وإن انتموا صنهاجة فهم هم
لما حووا إحراز كل فضيلة * غلب الحياء عليهم فتلثموا
والله أعلم.