عنوان الفتوى : العمل الصالح وحده لا يكفي لدخول الجنة
هل يدخل الإنسان الجنة بعمله أو برحمة الله ؟
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فالعمل الصالح سبب لدخول الجنة علق الله دخول الجنة على الإتيان به في آيات كثيرة ، كقوله تعالى: ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) [الزخرف:72]
إلا أن العمل الصالح - مهما عظم- فلن يبلغ بصاحبه درجة استحقاق الجنة بنفس العمل ، ما لم ينضم إلى ذلك رحمة من الله ، ومعاملة منه لعبده بالتفضل والإحسان ، فإن عامله بفضله وإحسانه دخل الجنة ، أما إن عامله بعدله ولم يرحمه فلن يدخل الجنة. فمدار الأمر كله على رحمته سبحانه ، فمن أدركته رحمة الله عامله بفضله ، فقبل منه الحسنات ، وتجاوز له عن السيئات ، أما من لم تدركه رحمة الله ، أو عامله بعدله فحاسبه على كل صغيرة وكبيرة ، فإنه سيهلك، وبهذا نجمع بين قوله تعالى: ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) وبين قوله صلى الله عليه وسلم: " واعلموا أن أحداً لن يدخله عمله الجنة " قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: "ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة وفضل" متفق عليه.
قال الشيخ حافظ الحكمي: (فالباء المثبتة في الآية هي باء السببية ، لأن الأعمال الصالحة سبب في دخول الجنة لا يحصل إلا بها ، والمنفي في الحديث هي الباء الثمنية ، فإن العبد لو عمّر عمر الدنيا ، وهو يصوم النهار ، ويقوم بالليل ، ويجتنب المعاصي كلها ، لم يقابل عمله عشر معشار أصغر نعم الله عليه الظاهرة والباطنة ، فكيف تكون ثمناً لدخول الجنة) .
وذهب بعض العلماء إلى القول بأن العبد لم يعمل بالطاعة إلا برحمة الله إياه ، فهو إن دخل الجنة بعمله فقد دخل برحمة الله ، وهو جمع حسن.
والله أعلم.