عنوان الفتوى : بيان ضعف حديث: من لَزِم الاستغفار جعل اللهُ له
إخواني الكرام تحية طيبة وبعد: رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من لَزِم الاستغفار جعل اللهُ له من كلّ ضيقٍ مخرجاً ، ومن كلّ همّ فرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب) وفي لفظ آخر : (من أكثر الاستغفار جعل اللهُ له من كلّ همّ فرجاً ، ومن كلّ ضيقٍ مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب) سمعت الشيخ عائض القرني يرد في اتصال لأحد السائلين بهذا الحديث. كما سمعت الأستاذ عمرو خالد يستدل بهذا الحديث في أحد حلقاته . أضف إلى ذلك أني استمعت إلى هذا الحديث يستدل به في إذاعة القرآن. في الحقيقة أنا بصدد إصدار الطبعة الثانية من كتيب فرص ذهبية كنوز منسية ويحتوي هذا الكتيب على مجموعة من الأحاديث التي تشمل العمل والثواب وكلها من الأحاديث الصحيحة والحسنة بإذن الله. ولكني استبعدت هذا الحديث من الإصدار في الطبعة الأولى وذلك لأني عند بحثي عن تخريج هذا حديث تبين الآتي أن هذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند (1/248) وأبو داود في السنن (1518) وابن ماجه في السنن (3819) وأبو نعيم في الحلية (3/211) والحاكم في المستدرك (4/262) من طريق الحكم بن مصعب قال حدثنا محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ........ الحديث .إلا في رواية ابن ماجه فلم يذكر عن أبيه . وكان الحكم على الحديث من قبل بعض أهل العلم بناء على أن السند ضعيفٌ منكرٌ ، تفرّد به الحكم بن مصعب، وهو مجهول، قليل الحديث جداً، لا يحل الاحتجاج به. وإذا كان هذا حكم بعض أهل العلم فما تفسيركم على ما قاله الإمام أبو داود في الحكم على الحديث ؟ حديث رقم (1518) سنن أبي داود > كتاب الصلاة > باب في الإستغفار حدثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا الحكم بن مصعب ثنا محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه أنه حدثه عن ابن عباس أنه حدثه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب). الحكم على الكتاب بشكل عام : ذكر الإمام أبو داود مصنف هذا الكتاب أن الأحاديث التي في كتابه هي أصح ما عرف في الباب وقال ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح. - سؤالي هل يكفي الحكم على السند بالحكم على المتن في الحديث، رغم أنه يوجد عدد من الأحاديث صحيحة المتن وضعيفة السند ؟ - أرجو الإفادة بالحكم على المتن في هذا الحديث ؟ - وهل تنصحون بوضع أو حذف الحديث في الطبعة الثانية من الكتيب الذي سوف يصدر ؟ عذرا على الإطالة وجزاكم الله خيرا.
خلاصة الفتوى: الحديث ضعيف السند ويمكن أن تستغني عنه بما ثبت.
فإن هذا الحديث ضعفه كثير من أهل العلم قديما وحديثا لأن مداره في جميع الروايات على الحكم بن مصعب، فقد ضعفه البغوي والمنذري والمناوي وابن باز والألباني لجهالة الحكم المذكور.
ويمكن أن تستغني عنه بما ثبت من النصوص في فضل الاستغفار، وأما سكوت الإمام ابن داود فلا يقدم على تصريح من صرحوا بالتضعيف، ولذلك لم يعتبر سكوته صاحب عون المعبود؛ بل نقل تضعيف المنذري للحكم بن مصعب.
وأما الحكم على السند بالصحة أو الحسن فيفيد صحة أو حسن الحديث في الغالب كما قال صاحب طلعة الأنوار في مصطلح الحديث:
واقبل لإطلاقه لصحة السند * أو حسنه إن كان ممن يعتمد.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن إطلاق الهيثمي والمنذري في قولهم الحديث رجاله ثقات أو ما أشبهها لا يكفي في الحكم بصحة حديث؛ بل لا بد معه من التأكد من اتصال السند والسلامة من العلة والشذوذ.
والله أعلم.